إن لكل رسول ميزة وخصيصة، ومحمد صلى الله عليه وسلم من بين الرسل تجمعت فيه الميزات والخصائص جميعها على كمالها وتمامها، ولكل رسول إضاءته وتبشيره وإنذاره ودعوته، ومحمد صلى الله عليه وسلم من بين الرسل الشمس المنيرة والبشير الأعظم والمنذر الأكبر والداعية الأجل، فهو النبي الجامع محمد صلى الله عليه وسلم لأنه بعث ليختم الله به النبيين والنبوات، فأعطي الرسالة الأخيرة ليبلغها إلى البشر كافة، فجاء بالشريعة الكاملة التي لا يحتاج البشر معها إلى غيرها، ولم تنزل من السماء إلى الأرض شريعة على قلب بشر بعد هذه الشريعة، لقد حظيت التعاليم المحمدية بالخلود، واختصت بالبقاء والدوام إلى يوم القيامة، فكانت نفس محمد صلى الله عليه وسلم جامعة لجميع الأخلاق العالية والعادات السنية، وقد بعث ليتمم مكارم الأخلاق.

ثم يأتي بالأدلة والبراهين على ذلك، وأول برهان على ذلك: أن سيرته وشريعته باقيتان خالدتان معروفتان.

ثم يتحدث عن أشهر الديانات المعروفة: الهندوسية والبوذية والكونفوشيوسية والزرادشتية واليهودية والمسيحية، ليقيم الدليل على أن المنقول منها لا يغطي احتياجات البشرية في الهداية ولا في القدوة.

يقول المؤلف:

إنه ليس في مئات الألوف من المصلحين والنبيين من يشهد لهم التاريخ إلا ثلاثة أو أربعة، ومع ذلك فإن التاريخ لا يعرف من تفاصيل أحوالهم وشؤون حياتهم ودخائل سيرتهم إلا نزراً يسيراً وغير كامل، فكيف يتسنى للإنسان أن يتخذ من ذلك أسوة لحياته ذات النواحي المختلفة؟.

وأخذ يضرب الأمثلة في البرهان على ذلك من خلال ما يعرفه الناس عن بوذا وزرادشت وموسى وعيسى، مع البرهان على أن هذه المعلومات - كما وردت عن أهلها - لا تشكل روايات ثابتة، ويخلص بالتالي إلى أن كل ما تعرفه البشرية عن الأنبياء السابقين عن طريق أتباعهم لا تجتمع فيه شروط التاريخية أو الواقعية أو الشمولية أو الجمع لكل ما يلزم الإنسان وهي شروط الاهتداء والاقتداء. ثم إن هذه الديانات نفسها على حسب ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015