الصالح -، وتركوا بعدهم سنة للناس يتبعها السوقة ويعمل بها الملوك، وينتفع بها صغار الناس وكبارهم، ويتمتع بخيراتها الأغنياء والبؤساء على السواء، وإن مثل الأسوة بهم كمثل عين ثرةٍ فياضة تروي البلاد وتسقي العباد، يشرب منها كل عطشان بقدر حاجته، ويرتوي بمائها العذب الزلال كل ظمآن فينقع غلته.

وبعد ذلك يتحدث عن أعلام الأنبياء في القرآن، ويذكر المعالم الكبرى لشخصية كل نبي، وأن مجموع هذه المعالم هي التي تحتاجها الحياة البشرية.

ثم تحدث عن دور البناة جميعاً في الحياة البشرية من مهندسين وأطباء وحكماء وأنصف الجميع، ثم برهن على أن ذلك كله بالنسبة لاحتياجات البشرية هو الجانب الأدنى إذا قورن باحتياجات البشر إلى هداية الأنبياء.

وبعد هذا خلص إلى الحديث عن الدعوة والقدوة في حياة الأنبياء، وكمالهما وتكاملهما، وذلك هو المظهر الأرقى للرشد والإرشاد في حياة البشرية.

تلك هي بعض معالم المحاضرة الأولى التي بينت عظم الفضل وعظيم العمل الذي قام به الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - فطوقوا جيد البشرية بالمنِّة.

* * *

(2)

محمد الرسول الأكمل صلى الله عليه وسلم

ومن بين الرسل جميعاً يظهر محمد صلى الله عليه وسلم كأكمل رسول، وهو من بين الرسل جميعاً تصلنا دعوته مفصلة وسيرته كاملة، ولذلك فهو الذي يمكن أن يُهتدى بهديه اهتداءً كاملاً، ويُقتدى بسيرته اقتداءً كاملاً، لأنه من بين الأنبياء كانت سيرته ورسالته تجتمع فيها: التاريخية والشمولية والكمال والعملية، عدا عن كون رسالته هي الرسالة الخاتمة والناسخة، وهي التكليف الرباني الذي لا يقبل الله غيره، ولكنها كذلك جعلها الله على ما ذكرنا.

هذا هو محور المحاضرة الثانية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015