يتأسى بها في تعميم الخير؟ ومن منهم إذا اهتدى الناس بهديه ينجون من المهالك ويسلكون سبل السعادة والهناء؟ ومَن مِن هؤلاء مَن استعملوا سيوفهم البواتر في قطع حبائل العقائد الفاسدة، وتخليص العقول من الأوهام الواهية والأفكار الباطلة؟ ومَن منهم من وقف حياته على حل معضلات بني آدم، وكان حريصاً على عقد أواصل الإخاء بينهم على الحق والتواصي بالخير؟ وهل يوجد في حياة من ذكرنا من هؤلاء العظماء ما يستعين به بنو الإنسان على تخفيف ما يعانونه من الغمرات في حياتهم الاجتماعية؟ أم في أخلاقهم وأعمالهم ما ييسر للإنسانية الشفاء من أمراضها الخلقية وأوصابها النفسية؟ أم في دعوتهم ما يجلو صدأ القلوب ورينها، أو يرتق فتقاً في الحياة الاجتماعية؟
وقد تحدث المؤلف حديثاً مستفيضاً عن أصناف من الأعلام شعراء وكتاب وقانونيين واجتماعيين وأمراء وملوك، وأقام الدليل على أن هؤلاء ليسوا في منصب الإصلاح الحقيقي، مهما كان شأنهم إذا قورنوا بالأنبياء.
ثم تحدث عن الأنبياء والمرسلين الذين لم يترك الله أمة إلا وقد أرسل لها طائفة منهم وأن كل لمعة خير في قلب أو في أمة إنما هي بقايا فطرة وأثر دعوة نبي.
وبعد أن يقارن بين آثار الملوك والجبابرة وبين آثار الأنبياء، وبين ما تجيش به العواطف والقلوب نحو الأنبياء، وبين تأثيرات الملوك على القلوب والعواطف، يقول:
أظنكم قد استمعتم لما ألقيت عليكم من الأدلة العقلية والبراهين التاريخية، وإخالها قد تركت فيكم أثراً أورث في قلوبكم يقيناً بأنه لم تكن طائفة من الناس أصلحت من فساد الأخلاق، وقومت من عوجها، وهذبت النفوس، وهدتها من ضلال، مثل الذي قام به الأنبياء عليهم السلام، فهم الذين أصلحوا الحياة الاجتماعية، وعلموا الناس الاقتصاد في المعيشة، والاعتدال في كل شيء، وهم الذين أقاموا العدل في الدنيا، وحكموا بالقسط بين الناس، وزكوا القلوب، وأخذوا بيد الإنسانية إلى الحق والخير وأنقذوها من حمأة الرذائل، وأن الله سبحانه قد بعثهم ليخرجوا الناس من الظلمات - ظلمات العقائد، وظلمات الأخلاق، وظلمات الأعمال - إلى النور - نور الإيمان، ونور الخلق الكريم، ونور العمل