من أئمة أهل السير والمغازي، فما تنقله عن هؤلاء لا ينزل في رأينا عن أن يكون مذهباً لصاحبه، ونحن مضطرون لذلك لأنه إذا لم نفعله فإن قارئ هذا القسم سيخرج بفوائد أقل، وقد التزمنا في كتابنا هذا أن ننقل في كل بحث تحقيقات أهل الاختصاص فيه، ولا نحب أن نخل بهذا الالتزام في هذا القسم أو غيره.
* * *
وإنما جعلنا هذا القسم مقدمة وستة أبواب، لأننا حريصون على تصحيح مفاهيم وترسيخ أخرى حول السيرة، فاخترنا أن يكون هذا في المقدمة، واعتمدنا الأبواب الستة - كما سنعرضها - كشيء لابد منه لتكامل العرض.
فالمراحل الرئيسية في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: ما قبل البعثة، ثم ما بعد البعثة حتى الاستقرار في المدينة، ثم من الهجرة حتى الوفاة؛ فهذه ثلاثة أبواب.
وهناك دائرتان لابد من الحديث عنهما لتتكامل الصورة: دائرة آل بيته وفيهم أزواجه، ودائرة أصحابه ومنهم خلفاؤه، فهؤلاء الذين حملوا الراية، وتابعوا مرحلة التأسيس فأصبحت الأبواب أربعة.
ومعرفة صفاته وشمائله وخصائصه جزء من سيرته، والتعرف على معجزاته طريق الإيمان به فتمت الأبواب بذلك ستة، وما سيأتي في بقية أقسام هذا الكتاب يكمل صورة ما فات، فهذه الموضوعات هي الألصق بالسيرة.
* * *
إن هذه المقدمة قد خصصناها لتصحيح مفاهيم ولترسيخ أخرى، والمفاهيم الخاطئة في موضوع السيرة نوعان: فمنها أخطاء عند بعض الإسلاميين، ومنها مفاهيم خاطئة أو قاصرة عند الكافرين. ألا إن هناك أغلاطاً في شأن السيرة النبوية، بعضها ناشئ عن جهل بكمالات السيرة النبوية، وبعضها ناشئ عن القصور في تصور أصول التشريع الإسلامي