وكيفية انبثاق الأحكام عنها، ومحل السيرة النبوية - في الاصطلاح - منها.

وقد وجدت أن كثيراً من المفاهيم التي أحب تصحيحها أو ترسيخها، وكثيراً من الأغلاط التي أرغب في تصويبها، قد تعرَّض لها الشيخ سليمان الندوي - رحمه الله في محاضراته الثمان التي خرجت باسم (الرسالة المحمدية)، بل إن المعاني التي ذكرها لا يستغني عنها قارئ للسيرة النبوية في عصرنا، ولذلك فإنني سأعطيك تصوراً عن بعض ما ذكره في هذه المحاضرات، ثم أنطلق بعد ذلك في المقدمة مكملاً ما أردت لها من أغراض.

* * *

إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حلقة من سلسلة النبوات والرسالات، وللنبوة والرسالة خصائصها وميزاتها، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع اشتراكها في خصائص النبوات والرسالات لها خصائصها وسماتها الخاصة، ومحاضرات الشيخ سليمان الندوي الثمان كانت في هذه الشؤون، فقد أبرز المؤلف في محاضرته الأولى أهمية رسالات الله في الحياة البشرية، وأن الرسل وحدهم - عليهم الصلاة والسلام - هم الهداة الحقيقيون بالدعوة والقدوة لكن هؤلاء الرسل باستثناء محمد صلى الله عليه وسلم لم يصلنا عنه ما يغطي احتياجات البشر في الهداية والقدوة، ولذلك حكمته، فمحمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول الخاتم ورسالته هي الرسالة الخاتمة ولذلك اجتمع لها أربعة شروط لابد منها لسيرة القدوة والهادي: التاريخية، والشمول، والكمال، والواقعية العملية. وهذا هو محور المحاضرة الثانية. ثم جاءت المحاضرات الأربع التالية لتفصل في كل شرط من هذه الشروط وكيف أنه موجود على التمام في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا وصل إلى المحاضرة السابعة تحدث عن أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم التي تجمعت فيها كل شروط القدوة والهداية ينبغي أن تهتدي بها الأمم، لأنها موجهة إلى الأمم جميعها، ولأن الأمم كلها بحاجة إليها، ثم تأتي المحاضرة الثامنة لتذكر بعض أيادي الرسالة المحمدية على البشرية، وفيها تأكيد لضرورة اهتداء البشرية برسالة محمد صلى الله عليه وسلم كما فيها تعداد لجوانب كثيرة في هذه الرسالة وأنها هي الدواء والبلسم لأصعب أمراض الأمم القديمة والمعاصرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015