وشهدكم أني غفرت ذنوبّهمْ ... وأعطيتهُم ما أملّوه وأنعَمُ
فبُشْرَاكمُ يا أهل ذَا الموقفِ الذي ... به يَغفر الله الذنوبَ ويَرحَمُ
فكم من عتيق فيه كمّل عَتْقهُ ... وآخر يستشفي ورَبّك أرَحمُ
وما رُؤْي الشيطانُ أحقَر في الورى ... وَأدْحرَ منه عِندهَا فهوَ ألْوَمُ
وذاك لأمرٍ قد رآهُ فغَاظهُ ... فأقبَلَ يَحثو للترابِ ويَلطِمُ
ومَا عايَنتْ عَيناهُ من رحمة أتت ... ومغفرة مِن عند ذِي العرش تُقسم
بنَى مَا بنَى حتى إذا ظنّ أنهُ ... تمكنَ مِن بُنيانِه فهوَ مُحْكُم
أتى الله بُنيانًا له مِن أسَاسِهِ ... فخرَّ عليهِ سَاقِطًا يتهَدّم
وكم قدرَ ما يَعلو البناءُ وينتهي ... إذا كانَ يَبنيهِ وذو العرش يهدمُ
وراحوا إلى جمعٍ وبانوا بمشعر ... الحَرامِ وصلوا الفجرَ ثم تقدّموا
إلى الجمرة الكبرى يُريدونَ رَميها ... لِوقْتِ صلاة العيد ثم تَيمّموا
منازلهم للنّحر يَبْغونَ فضْلهُ ... وإحياءَ نُسْكٍ من أبيهم يُعَظموا
فلو كان يُرْضي الله نحْرُ نفوسهم ... لجادُوا بها طوْعًا وللأمر سلّموا
كما بذَلوا عِند الجِهاد نُحورهم ... لأعدائه حتى جرى منهمُ الدمُ
ولكنهم دَانوا بوَضع رءوسهمْ ... وذلكَ ذلٌّ للعَبيد ومِيَسمُ
ولما تقَضَّوا ذلكَ التفتَ الذي ... عليهم وأفَوا نذرَهم ثم تمّموا
دعاهمْ إلى البيت العتيق زَيارَةً ... فيا مَرْحبًا بالزائرين وأكرمُ
فلله ما أبهَى زِيارتهم لهُ ... وقد حصلتْ تلك الجوائز تقسم
ولله إفضال هناكَ ونِعَمةٌ ... وبرٌّ وإحسانٌ وجودٌ ومَرْحمُ
وعادوا إلى تلكَ المنازل من منًى ... وقالوا مُناهُم عِندها وتنَعّموا
أقاموا بها يَومًا ويَومًا وثالثًا ... وأذٍّنَ فيهم بالرحِيل وَأعلِموا
وراحوا إلى رَمي الجمار عَشيّةً ... شِعارهُم التكبير والله معهم