لا يستَفيدَ بالإحلال الانتقال من حال إلى حال خير منها ولا التخلص من أذى به بخلاف حصر العدو؛ ولأنه –عليه الصلاة والسلام- لما دخل على ضباعة بنت الزبير، وقالت: إني أريد الحج وأنا شاكية، قال: «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» فلو كان المرض يبيح التحلل لما احتاجت إلى شرط؛ ولحديث: «من كسر أو عرج فقد حلّ» متروك الظاهر؛ فإنه لا يصير بمجرده حلالاً؛ فإن حملوه على إباحة التحلل حملنا على ما إذا اشترط، على أن في الحديث كلامًا؛ لأن ابن عباس يرويه ومذهبه بخلافه، وهذه رواية اختارها الخرقي، روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس ومروان، وبه قال مالك والشافعي وإسحاق، والرواية الثانية له التحلل بذلك، وروي نحوه عن ابن مسعود وهو قول عطاء والنخعي والثوري وأصحاب الرأي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كسر أو عرج فقد حلّ، وعليه حجة أخرى» رواه النسائي. ولأنه محصور فيدخل في عموم قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} يحققه أن لفظ الإحصار: إنما هو للمرض ونحوه، يُقال: أحصره المرض إحصارًا، فهو محصور، وحصره العدو فهو محصور، فيكون اللفظ صريحًا في محل النزاع، وحصر العدو مقيس عليه؛ ولأنه مَصْدُودٌ عن البيت أشبه مَن صده العدو، وكذا من ضل الطريق.
وفي «الاختيارات الفقهية» : والمحصر بمرض أو ذهاب نفقة كالمحصر بعدو، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ومثله حائض تعذر مقامها وحرم طوافها ورجعت ولم تطف لجهلها، وجوب طواف الزيارة أو لعجزها عنه أو لذهاب الرفقة. انتهى (ص120 منها) .
ومن شرط ابتداء إحرامه أن محليِّ حيث حبستني، فله التحلل مجانًا في الجميع من فوات وإحصار ومرض ونحوه، ولا دم عليه؛ لظاهر خبر ضباعة؛ ولأنه شرط صحيح، فكان على ما شرط. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.