وإن مات فله ثوابه، وهو أحوج إليه من غيره، ولا تصح الوصية من سفيه على ولده؛ لأنه لا يملك التصرف عليه بنفسه فوصيته أولى، ولا تصح الوصية من موص إن كان سكرانًا؛ لأنه حينئذ غير عاقل، أشبه المجنون، وطلاقه إنما وقع تغليظًا عليه.

ولا تصح الوصية من موص إن كان مبرسمًا؛ لأنه لا حكم لكلامه أشبه المجنون، وكذا المغمي عليه فإن كان يفيق أحيانًا وأوصى في حال إفاقته صحت، ولا تصح الوصية من طفل؛ لأنه لا يعقل الوصية ولا حكم لكلامه.

وتصح الوصية من المميز لما روى مالك في «الموطأ» عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أن عمرو بن سليم أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب: إن ها هنا غلامًا يفاعًا لم يحتلم وورثته بالشام وهو ذو مال، وليس له ها هنا إلا ابنة عم، فقال عمر: فليوص لها، فأوصى لها بمال، يقال: بئر جشم.

قال ابن عمرو بن سليم: فبعت ذلك المال بثلاثين ألفًا، ابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم، وهذه قضية انتشرت فلم تنكر، ولأنه تصرف تمحض نفعًا للصبي، فصح منه كالإسلام والصلاة؛ وذلك لأن الوصية صدقة يحصل ثوابها له بعد غناه عن ملكه وماله، فلا يلحقه ضرر في عاجل دنياه ولا أخراه.

بخلاف الهبة، والعتق المنجز، فإنه يفوت من مال يحتاج إليه، وإذا ردت رجعت إليه وها هنا لا يرجع إليه بالرد فإذا أوصى بوصية يصح مثلها من البالغ صحت منه، وما لا فلا، قال شريح وعبد الله بن عتبة وهما قاضيان من أصاب الحق أجزنا وصيته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015