إلى الموصى له، وقد أمرنا بقتل الحربي وأخذ سلبه، فلا معنى للوصية له مع قيام هذا كله، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي، والله سبحانه أعلم.
وأما المرتد، فقيل: تصح له الوصية، اختار هذا القول أبو الخطاب، والقول الثاني اختاره ابن أبي موسى، أنها لا تصح له؛ لأن ملكه غير مستقر، ولا يرث ولا يورث، فهو كالميت، ولأن ملكه يزول عن ماله، بردته في قول جماعة، فلا يثبت له الملك بالوصية، وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي، والله أعلم.
وتصح الوصية مطلقة، كأوصيت لفلان كذا، وتصح مقيدة كأن مت في مرضي هذا أو بلدي هذا أو عامي هذا، فلبكر كذا أو فلزيد كذا؛ لأنه تبرع يملك تنجيزه، فملك تعليقه كالعتق.
وأركان الوصية أربعة: موص، ووصية، وموصًا به، وموصًا له، فالأول أن تكون من مكلف لم يعاين الموت، فإن عاينه لم تصح؛ لأنه لا قول له، والوصية قول.
والقول هو الذي تطمئن إليه النفس أنها تصح ما دام العقل ثابتًا، والله أعلم.
وتصح من أخرس بإشاراته، وكذا معتقلاً لسانه على ما تميل إليه النفس يؤيده ما ورد عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن جارية وجد رأسها قدرض بين حجرين، فسألوها: من صنع بك هذا؟ فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، وحديث الجارية حين قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أين الله؟» فأشارت بأصبعها في السماء، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
وكذا سفيه، وضعيف عقل، فتصح لتمحضها نفعًا له بلا ضرر كعبادته، ولأن الحجر على السفيه لحفظ ماله ولا إضاعة في الوصية؛ لأنه إن عاش فماله له.