النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع من عطية بعض ولده، وتفضيل بعضهم على بعض في حال الصحة، وقوة الملك، وإمكان تلافي العدل بينهم بإعطاء الذي لم يعطه فيما بعد ذلك، لما فيه من إيقاع العداوة والحسد بينهم، فهنا أولى وأحرى.
وقيل: إن أجازها جازت في قول الجمهور من العلماء، والقول الأول هو الذي اختاره لما تقدم، ولأنهم ربما وافقوا وأجازوها حياء، وربما تندموا فيما بعد، وحقدوا على الموصي، والموصى له ونشأ عنها عداوات، والله أعلم.
وقسم يجوز ولا يجب وهي الوصية للأجنبي بالثلث فأقل، وقد أوصى البراء بن معرور للنبي - صلى الله عليه وسلم - بثلث ماله فقبله، ثم رده على ورثته.
وقسم يستحب أن يوصى لهم من الثلث فما دونه، وهم الأقارب الذين لا ميراث لهم؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} ثم نسخت الآية بآية المواريث ورفع حكم أهل الفروض والعصبات، بحديث: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، وبقي الأقارب الذين لا ميراث لهم» .
ومن الأدلة على استحبابها لمن له مال الحديث القدسي: «ابن آدم جعلت لك نصيبًا في مالك حين أخذت بكظمك لأظهرك به وأزكيك» قال الوزير: أجمعوا على أن الوصية مستحبة مندوب إليها، لمن لا يرث الموصي من أقاربه وذوي أرحامه.
وقال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء إذا كانوا ذوي حاجة، فإن وصى لغيرهم وتركهم صحت في قول أكثر أهل العلم.
والدليل على أنها غير واجبة في غير ما تقدم: