سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة» ، قال: سمعتك يا رسول الله تقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثلاه صدقة» ، قال: «له بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدّين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثلاه» . وورد أن أبا قتادة كان له دَين على رجل، وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه، فجاء ذات يوم فخرج صبيٌ فسأله عنه، فقال: هو في البيت يأكل خزيرة، فناداه، فقال: يا فلان أخرج فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج إليه، فقال: ما يُغَيّبُك عني؟ فقال: إني معسر وليس عندي شيء، قال: آلله إنك معسر؟ قال: نعم، فبكى أبو قتادة، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة» رواه مسلم.

وإن برئ المدين من غريمه بوفاء أو إبراء أو حوالة وجب إطلاقه لسقوط الحق عنه، وكذا إن رضي غريمه بإخراجه من الحبس بأن سأل الحاكم إخراجه وجب إطلاقه؛ لأن حَبْسَه حقٌ لربِّ الدين وقد أسقطه وإن أصَر المَدِينُ المليء على الحبس ولم يقبض الدين باع الحاكم ماله وقضى دينه؛ لما ورد عن كعب بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ ماله وباعه في دَينٍ كان عليه» رواه الدارقطني.

وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كان معاذ بن جبل شابًا سخيًا وكان لا يمسك شيئًا فلم يزل يُدّان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه فلو تركوا لأحد لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له ماله حتى قام معاذ بغير شيء، رواه سعيد في «سننه» هكذا مرسلًا. وقال جماعة منهم صاحب الفصول: إذا أصّر على الحبس وصبر عليه ضربه الحاكم، قال في الفصول وغيره: يحبسه؛ فإن أبى عزره، قال: ويكرر حبسه وتعزيره حتى يقضيه. قال الشيخ: نصَّ عليه الأئمة من أصحاب أحمد وغيرهم ولا أعلم فيه نزاعًا؛ لكن لا يُزاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015