به لحمله مؤنة ولم يثبت لمدّع فعلى من مؤنة إحضاره وردّه إلى محله، إذا أبى مدين وفاء ما عليه فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ ومن أول من حبس على الدَين؟ وكيف كان عمل الخصمين قبل ذلك؟ وما الذي يعمل مع محبوس موسر أبى دفع ما عليه؟ وإذا أصر على عدم القضاء فماذا يعمل معه؟ واذكر ما تستحضرهُ من دليل أو تعليل.
ج: إذا أحضر مدعى عليه مدعي به لحمله مؤنة لتقع الدعوى على عينه ولم يثبت المدّعي لزم المدّعى مؤنة إحضاره وردّه إلى محله؛ لأنه ألجأه إلى ذلك فيؤخذ من هذه المسائل الرجوع بالغرم على من تسبب فيه ظلمًا؛ فإن أبى مدين وفاء ما عليه بعد أمر حاكم له بطلب ربه حَبَسَهُ؛ لحديث عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعًا: «لَيُّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، قال أحمد: قال وكيع: عرضه شكواه وعقوبته حبسه. وفي «المغني» : إذا امتنع الموسر من قضاء الدين فلغريمه ملازمته ومطالبته والإغلاظ عليه بالقول، فليقول: يا ظالم يا معتدي ونحوه للخبر وحديث: «إن لصاحب الحق مقالًا» اهـ.
قلت: وفي قوله تعالى: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} ما يدل على أنه يجوز لمن ظُلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه، وليس للحاكم إخراج المدين من الحبس حتى يتبين له أمره؛ لأن حبسه حكم فلم يكن له رفعه بغير رضا المحكوم له وأول مَن حبس على الدين شريح، وكان الخصمان يتلازمان وتجب تخليَة المحبوس إن بان معسرًا رضي غريمه أولًا فيخرجه منه لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} وقد ورد في إنظار المعسر أحاديث تدل على عظم فصل إنظاره منها ما ورد عن أبي أُمامة أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فلييسر على معسر أو يضع عنه» ، وعن بريدة عن أبيه قال: