ولما كان أول ما ينشأ في مدينة إسلامية إنما هو الجامع الذي يجتمع فيه المسلمون لصلاتهم، ومن فوق منبره يدعون إلى شئونهم، ويودعونه خزائن كتبهم, ويقيمون فيه شعائر دينهم, أنشأ "جوهر" الأزهر في طليعة ما أنشأ؛ كي يكون مجلسًا لهذا المظهر الدينيّ، وليقوم سياجًا للشيعة التي يعملون على تأييدها.
وقد أبى الفاطميون أن يفاجئوا في مطالع عهدهم أهل السنة بخطبتهم التي يقولون فيها "وصل على الأئمة آباء أمير المؤمنين, المعز لدين الله" وآثروا أن يقولوا ذلك في مسجدٍ خاصٍّ بهم، فكانت تلك هي البواعث على إنشاء الأزهر.
تاريخ إنشاء الأزهر:
كان البدء في إنشاء الجامع الأزهر في يوم السبت لستٍ بَقَيْنَ من جمادى الأولى, سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وكمُلَ بناؤه لتسعٍ خلون من شهر رمضان, سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وكتب فيه بدائرة القبة التي في الرواق الأول, وهي على يمنة المحراب, ما نصُّه بعد البسملة:
"مما أمر ببنائه عبد الله ووليه أبو تميم, معد الإمام المعزل لدين الله, أمير المؤمنين -صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الأكرمين - على يد عبده الكاتب الصقليّ, وذلك في سنة إحدى وستين وثلاثمائة1.