منها بروحانية قوية هي التي تتضرم في شعره إلى الأبد، فحافظ إحدى حسنات الشيخ على العالم العربي، وهو خطة من خططه في عمله للإصلاح الشرقي الإسلامي والنهضة المصرية الوطنية، وإحياء العربية وآدابها، وإذا ذكرت حسنات الشيخ، أو عدت للتأريخ وجب أن يقال أصلح، وفعل وفسر القرآن، وأنشأ حافظ إبراهيم.

على أن إذن الإمام هي التي أتمت ملكة الشعر في "حافظ"، فقد ألف أن يسمعه شعره، واعتاد أن يعرض على ذوقه الأدبي المصقول كل ما يقرضه، وصار ذلك طبعا في "حافظ" حتى إنه ليستحسن مواطن الأدباء والشعراء في المجالس، والأندية كي يسمعهم نظمه.

وكان المرحوم "مصطفى صادق الرافعي"، قد نظم أول عهده بالشعر قصيدة في مدح الإمام، وأنفذها إليه ثم لقي "حافظا" فقال "حافظ": إنه تلاها على الإمام وإنه استسحنها، فقال له الرافعي: فماذا كانت كلمته فيها؟ قال: إنه قال: لا بأس بها فاضطرب شيطان الرافعي من الغضب وقال: إن الشيخ ليس بشاعر فليس لرأيه في الشعر كبير معنى، فقال له "حافظ": ويحك إن هذا مبلغ الاستحسان عنده، قال الرافعي -قلت "لحافظ": وماذا يقول لك أنت حين تنشده؟ قال: أعلى من ذلك قليلًا، فأرضاني والله أن يكون بيني وبين "حافظ" "قليل"، وطمعت من يومئذ، وأنا أرى أن "حافظ إبراهيم" إن هو إلا ديوان الشيخ محمد عبده لولا أن هذا لما كان ذلك1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015