في 10 من ذي القعدة سنة 1317هـ، الموافق 11 من مارس سنة 1900م.
ظل الشيخ "شاكر" في السودان أربعة أعوام يمثل الرئيس الديني الجريء الذي يستمد سلطانه من حاكم مصر الأعلى، وكان معتزا بهذا السلطان يغار على كل مظهر من مظاهره، فقد أعاد تعيين القضاة الشرعيين الذين تسلموا عملهم قبل حضوره، ولم يعترف بتعيينهم من قبل، وبعث لكل منهم بإذن يباشر بمقتضاه عمله الشرعي متضمن إجازة ما أصدر من قبل من الأحكام الشرعية1.
ومن اعتزازه بمكانته، وذوده عن حقوق عمله التي يخولها له منصبه شجر خلاف بينه، وبين كاتم السر القضائي في السودان، ولكن الشيخ اقترن موقفه في هذا الخلف باللباقة والكياسة، وبراعة الحجة وقوة المنطق، وتم له النصر في كل نزاع دون أن يثير حنفا على مسلكه، أو موجدة من تصرفه.
وفي سنة 1902 قام قاضي محلة "الرباطات" الشرعي بالإجازة من غير أن يستأذن "الشيخ شاكرًا"، فلما علم بذلك كتب إلى كاتم السر القضائي يلفته إلى خطأ ذلك التصرف، وأرسل بالبرق إلى قاضي "الدامر" يأذن له بمباشرة الأحكام الشرعية في محكمة "الرباط" في أثناء غياب قاضيها، ولكن كاتم السر كتب إلى الشيخ شاكر ينبهه إلى أن محكمة العموم التي يرأسها الشيخ بصفته قاضيا القضاة موغلة في التدخل "إداريا" في شئون المحاكم التابعة لها -ولم يكن قاضي القضاة القوي العنيد يغضي على هذه اللفتة، فجرد قلمه ورد عليه ردا يحفظه التاريخ كان في ختامه، وإلى هذا الحد أرجو أن تعيدوا النظر في هذه الملاحظات، وتقدروا موضوعها حق قدره، فإن بقاءها على ما هي عليه يذهب بكثير من الثقة التي هي عماد الاشتراك في المصالح، والتي إن فقد الموظف