ومنهم عمرو بن العاص, فاتح مصر, وأول ولاتها, بأن يتخذوا في كل مدينة مسجدًا للجماعة1
وقد اتبعت هذه السياسة في خطط القواعد الإسلامية الأولى -كالبصرة والكوفة والفسطاط ومدن الشام.
وكما أن العواصم الجديدة تعتبر رمزًا لظفر الإسلام, كذلك المساجد الجوامع, كانت تعتبر رمزًا لسياسة الإسلام الروحية, ومنبرًا للدعوة الجديدة والدين الجديد.
هكذا كان شأن الفسطاط, أول عاصمة للإسلام في مصر، قيامها يدل على ظفر الإسلام السياسيّ بافتتاح قطر جديد من أقطار الدولة الرومانية، وقيام مسجدها الجامع يدل على سيادة الإسلام الروحية حيث كانت تسود النصرانية.
وكان لهذا المسجد فوق ذلك صبغته الرسمية؛ إذ هو مركز للصلاة الجامعة, وقد لبث ذلك -عصرًا- خطة خاصَّة, إلى جانب خطط الحرب والقضاء والخراج.
وكان يلي إمامته في الصلوات الخمس, وفي صلاة الجمعة وخطبتها في عصر الفتح الأول أمير مصر ذاته؛ فكان الأمير يجمع بين الصلاة والخراج في كثير من الأحيان، وكان الأمير يستخلف عنه في الصلاة صاحب الشرطة إذا تعذر عليه إقامتها بنفسه2.
كذلك كان المسجد الجامع مقرًّا للدعوات والخطب والمجالس الرسمية، وبه يعقد ديوان الخراج، كما كان مركز القضاء الأعلى, وتتُْلَى فيه الأوامر