المنصور القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله، وتصدق بجميع ماله، وهو مائتا دينار، وفرق ذلك على أصحاب الحديث والفقهاء والفقراء في مرضه، وأوصى أن يتصدق بجميع ما يخلفه من ثياب وغيرها، ووقف جميع كتبه على المسلمين، وأخرجت جنازته من حجرة تلي المدرسة النظامية من نهر معلى، وتبعه الفقهاء والخلق العظيم، وحملت الجنازة وعبر بها الجسر، وحملت إلى جامع المنصور، وكان بين يدي الجنازة جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبرت الجنازة في الكرخ ومعها الخلق العظيم، وكان اجتماع الناس في جامع المنصور، وحضر جميع الفقهاء وأهل العلم، ونقيب النقباء، وتبع الجنازة خلقٌ عظيمٌ إلى باب حرب، وختم على القبر ختماتٌ رضي الله عنه وغفر له، وألحقه بعباده الصالحين، فلقد انتهى إليه علم الحديث وحفظه، له ست وخمسون مصنفاً في علم الحديث، فمنها: ((تاريخ بغداد)) مائة وستة أجزاء، ولد سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015