مكانهم فَأَتَاهُم الْقَوْم فَلم يَجدوا مِنْهُم أحد
قَالَ مؤلف الْكتاب وَبَلغنِي عَن أبي الْأَعرَابِي قَالَ أسرت طَيء رجلا شَابًّا من الْعَرَب فَقدم عَلَيْهِ أَبوهُ وَعَمه ليفدياه فاشتطوا عَلَيْهِمَا فِي الْفِدَاء فأعطيا بِهِ عَطِيَّة لم يرضوها فَقَالَ أَبوهُ لَا وَالَّذِي جعل الفرقدين يصبحان ويمسيان على جبل طَيئ لَا أَزِيدكُم على مَا أَعطيتكُم ثمَّ انصرفا فَقَالَ الْأَب للعم لقد ألقيت إِلَى ابْني كلمة لَئِن كَانَ فِيهِ خير لينجون فَمَا لبث أَن جَاءَ وطرد قِطْعَة من أبلهم فَذهب بهَا كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ الزم الفرقدين على جبل طَيئ فَإِنَّهُمَا طالعان عَلَيْهِ وَلَا يغيبان عَنهُ
حَدثنَا ابْن الْأَعرَابِي عَن بعض مشايخه أَن رجلا من بني تَمِيم كَانَت لَهُ ابْنة جميلَة وَكَانَ غيوراً فابتنى لَهَا فِي دَاره صومعة وَجعلهَا فِيهَا وَزوجهَا من أكفائه من بني عَمها وَأَن فَتى من كنَانَة مر بالصومعة فَنظر إِلَيْهَا وَنظرت إِلَيْهِ فَاشْتَدَّ وجد كل وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ وَلم يُمكنهُ الْوُصُول إِلَيْهَا وَأَنه افتعل بَيْتا من الشّعْر ودعا غُلَاما من الْحَيّ فَعلمه الْبَيْت وَقَالَ لَهُ ادخل هَذِه الدَّار وانشد كَأَنَّك لاعب وَلَا ترفع رَأسك وَلَا تصوبه وَلَا تومئ فِي ذَلِك إِلَى أحد فَفعل الْغُلَام مَا أَمر بِهِ وَكَانَ زوج الْجَارِيَة قد أزمع على سفر بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَأَنْشد الْغُلَام يَقُول
(لحى الله من يلحي على الْحبّ أَهله ... وَمن يمْنَع النَّفس اللجوج هَواهَا)
قَالَ فَسمِعت الْجَارِيَة ففهمت فَقَالَت
(إِلَّا إِنَّمَا بَين التَّفَرُّق لَيْلَة ... وتعطى نفوس العاشقين مناها)
قَالَ فَسمِعت الْأُم ففهمت فأنشأت تَقول