(وَمن ظن مِمَّن يلاقي الحروب ... بِأَن لَا يصاب فقد ظن عَجزا)
عَن عبيد الله مُحَمَّد ن عمرَان المرزباني قَالَ كَانَ طفيلي العرائس الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الطفيليون يُوصي ابْنه عبد الحميد بن طفيل فِي علته الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَيَقُول لَهُ إِذا دخلت عرساً فَلَا تلْتَفت تلفت الْمُرِيب وتخير الْمجَالِس فَإِن كَانَ الْعرس كثير الزحام فَأمر وانهِ وَلَا تنظر فِي عُيُون أهل الْمَرْأَة وَلَا فِي عُيُون أهل الرجل ليظن هَؤُلَاءِ أَنَّك من هَؤُلَاءِ فَإِن كَانَ البواب غليظاً وقاحاً فابدأ بِهِ ومره وانه من غير أَن تعنف بِهِ وَعَلَيْك بِكَلَام بَين النَّصِيحَة والأدلال ثمَّ انشد وَقَالَ
(لَا تجزعن من الْغَرِيب ... وَلَا من الرجل الْبعيد)
(وادخل كَأَنَّك طابخ ... بيديك مغرفة الْحَدِيد)
(متدلياً فَوق الطَّعَام ... تدلي الباز الصيود)
(لتلف مَا فَوق الموائد ... كلهَا لف الفهود)
(واطرح حياءك إِنَّمَا ... وَجه الطفيلي من حَدِيد)
(لَا تلْتَفت نَحْو الْبُقُول ... وَلَا إِلَى غرف الثَّرِيد)
(حَتَّى إِذا جَاءَ الطَّعَام ... ضربت فِيهِ كالشديد)
(وَعَلَيْك بالفالوذجات ... فَإِنَّهَا عين القصيد)
(هَذَا إِذا حررتهم ... ودعوتهم هَل من مزِيد)
(والعرس لَا يَخْلُو من ... اللوزينج الرطب الفنيد)
(فَإِذا أتيت بِهِ محوت ... محَاسِن الْجَام الْجَدِيد)
قَالَ ثمَّ أغمى عَلَيْهِ عِنْد ذكر اللوزينج سَاعَة فَلَمَّا أَفَاق رفع رَأسه قَالَ
(وتنقلن على الموائد ... فعل شَيْطَان مُرِيد)