المائي حَتَّى إِذا مَاتَ يغتم عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة هَذَا الْغم كُله فَقَالَ وَيحك مثلك يَقُول هَذَا فِي رجل أوحد فِي صناعته قد مَاتَ وَلَا خلف لَهُ يُقَارِبه فِي حدقه وَهل فَخر الْبَلَد إِلَّا أَن يكون رُؤَسَاء الصَّاع وحذاق أهل الْعُلُوم فِيهِ فَإِذا مضى رجل لَا مثل لَهُ فِي صناعَة لَا بُد للنَّاس مِنْهَا فَهَلا يدل هَذَا لأمر على نُقْصَان الْعلم وانحطاط الْبلدَانِ ثمَّ أَخذ يعدد فضائله والأشياء الظريفة الَّتِي عالج بهَا والعلل الصعبة الَّتِي زَالَت بتدبيره فَذكر من ذَلِك أَشْيَاء كَثِيرَة وَمِنْهَا أَنه قَالَ لقد أَخْبرنِي من مُدَّة مديدة رجل من جلة هَذَا الْبَلَد أَنه كَانَ حدث بابنة لَهُ عِلّة ظريفة فكتمتها عَنهُ اطلع عَلَيْهَا فكتمها هُوَ مُدَّة ثمَّ انْتهى أمرهَا إِلَى الْمَوْت قَالَ فَقلت لَا يسعني كتم هَذَا أَكثر من هَذَا قَالَ وَكَانَت الْعلَّة أَن فرج الصبية كَانَ يضْرب عَلَيْهَا ضرباناً عَظِيما لَا تكَاد تنام مِنْهُ اللَّيْل وَلَا تهدأ بِالنَّهَارِ وتصرخ من ذَلِك أعظم صُرَاخ وَيجْرِي فِي خلال ذَلِك مِنْهُ دم يسير كَمَاء اللَّحْم وَلَيْسَ هُنَاكَ جرح يظْهر وَلَا ورم كثير فَلَمَّا خفت المأتم ثمَّ أحضرت يزِيد فشاورته فَقَالَ تَأذن لي فِي الْكَلَام وتبسط عُذْري فِيهِ فَقلت نعم فَقَالَ أَنه لَا يمكنني أَن أصف شَيْئا دون أَن أشاهد الْموضع وأفتشه بيَدي واسأل الْمَرْأَة عَن أَسبَاب لَعَلَّهَا كَانَت الجالبة لِلْعِلَّةِ قَالَ فلعظم الصُّورَة وبلوغها حد التّلف أمكنه من ذَلِك فَأطَال مساءلتها وحديثها بِمَا لَيْسَ من جنس الْعلَّة بعد أَن حبس الْموضع حَتَّى عرف بقمة الْأَلَم حَتَّى كدت أَن أثب بِهِ ثمَّ تصبرت وَرجعت إِلَى مَا أعرفهُ من ستراه فَصَبَرت على مضض إِلَى أَن قَالَ تَأمر من يمْسِكهَا فَفعلت ثمَّ أَدخل يَده فِي الْموضع دُخُولا شَدِيدا فصاحت الصبية وأغمي عَلَيْهَا وانبعث الدَّم فَأخْرج فِي يَده حَيَوَانا أقل من الخنفساء فَرمى بِهِ فَجَلَست الِابْنَة فِي الْحَال واستترت وَقَالَت يَا أَبَت استرني فقد عوفيت قَالَ فَأخذ الْحَيَوَان فِي يَده وَخرج من الْموضع فلحقته وأجلسته وَقلت أَخْبرنِي مَا هَذَا قَالَ أَن تِلْكَ الْمَسْأَلَة الَّتِي لم أَشك أَنَّك أنكرتها إِنَّمَا كَانَت لأطلب شَيْئا أستدل بِهِ على الْعلَّة إِلَى أَن قَالَت