الاذكياء (صفحة 169)

شُيُوخنَا قَالَ كَانَ بعض أهلنا قد استسقى وَأَيِسُوا من حَيَاته فَحمل إِلَى بَغْدَاد وشاورا الْأَطِبَّاء فِيهِ فوصفوا لَهُ أدوية كبار فعرفوا أَنه قد تنَاولهَا فَلم تَنْفَع فأيسوا من حَيَاته وَقَالُوا لَا حِيلَة لنا فِي برئه فَسمع العليل فَقَالَ دَعونِي الْآن أتزود من الدُّنْيَا وآكل مَا أشتهي وَلَا تقتلوني بالحمية فَقَالُوا كل مَا تُرِيدُ فَكَانَ يجلس بِبَاب الدَّار فمهما اجتاز بِهِ اشْتَرَاهُ وَأكله فَمر بِهِ رجل يَبِيع جَرَادًا مطبوخاً فَاشْترى مِنْهُ عشرَة أَرْطَال فَأكلهَا بأسرها فانحل طبعه فَقَامَ فِي ثَلَاثَة أَيَّام أَكثر من ثَلَاثمِائَة مجْلِس وَكَاد يتْلف ثمَّ انْقَطع الْقيام وَقد زَالَ كل مَا كَانَ فِي جَوْفه وثابت قوته فبرأ خرج يتَصَرَّف فِي حَوَائِجه فَرَآهُ بعض الْأَطِبَّاء فَعجب من أمره وَسَأَلَهُ عَن الْخَبَر فَعرفهُ فَقَالَ لَيْسَ من شَأْن الْجَرَاد أَن يفعل هَذَا الْفِعْل وَلَا بُد أَن يكون فِي الْجَرَاد الَّذِي فعل هَذَا خاصية فَأحب أَن تدلني على صَاحب هَذَا الْجَرَاد الَّذِي بَاعه لَك فَمَا زَالا فِي طلبه حَتَّى علما بِهِ فَرَآهُ الطَّبِيب فَقَالَ لَهُ مِمَّن اشْتريت هَذَا الْجَرَاد فَقَالَ مَا اشْتَرَيْته أَنا أصيده وَأجْمع مِنْهُ شَيْئا كثيرا وأطبخه وأبيعه قَالَ فَمن أَيْن تصطاده فَذكر لَهُ مَكَانا على فراسخ يسيرَة من بَغْدَاد فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب أُعْطِيك دِينَارا أَو تَجِيء معي إِلَى الْموضع الَّذِي اصطدت مِنْهُ الْجَرَاد قَالَ نعم فَخَرَجَا وَعَاد الطَّبِيب من الْغَد وَمَعَهُ من الْجَرَاد شَيْء وَمَعَهُ حشيشه فَقَالُوا لَهُ مَا هَذَا قَالَ صادفت الْجَرَاد الَّذِي يصيده هَذَا الرجل يرْعَى فِي صحراء جَمِيع نباتها حشيشة يُقَال لَهَا مازريون وَهِي من دَوَاء الاسْتِسْقَاء فَإِذا دفع إِلَى العليل مِنْهَا وزن دِرْهَم أسهله إسهالاً عَظِيما لَا يُؤمن أَن يَنْضَبِط والعلاج بهَا خطر وَلذَلِك مَا يكَاد يصفها الْأَطِبَّاء فَلَمَّا وَقع الْجَرَاد على هَذِه الحشيشة ونضجت فِي معدته ثمَّ طبخ الْجَرَاد ضعف فعلهَا بطبختين فاعتدلت بِمِقْدَار مَا أبرأت هَذَا

قَالَ أَبُو بكر الجفاني دخلت يَوْمًا على القَاضِي حُسَيْن بن أبي عمر وَهُوَ مهموم حَزِين فَقلت لَا يغم الله قَاضِي الْقُضَاة أبدا وَمن يزِيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015