يَقُولُوا الأبرص فَقَالُوا الأبرش فغزا مليح بن الْبُرْء وَكَانَ ملكا على الْحَضَر وَهُوَ الحاجز بَين الرّوم وَالْفرس وَهُوَ الَّذِي ذكره عدي بن زيد فِي قصيدة مِنْهَا هَذَا الْبَيْت
(وأخو الْحَضَر إِذْ بناه وَإِذ ... دجلة تجبى إِلَيْهِ والخابور)
فَقتله جذيمة وطرد الزباء إِلَى الشَّام فلحقت بالروم وَكَانَت عَرَبِيَّة اللِّسَان حَسَنَة الْبَيَان شَدِيدَة السُّلْطَان كَبِيرَة الهمة قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ لم يكن فِي نسَاء عصرها أجمل مِنْهَا وَكَانَ اسْمهَا فارغة وَكَانَ لَهَا شعر إِذا مشت سحبته وَرَاءَهَا وَإِذا نشرته جللها فسميت الزباء قَالَ الْكَلْبِيّ وَبعث عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام بعد قتل أَبِيهَا فبلغت بهَا همتها أَن جمعت الرِّجَال وبذلت الْأَمْوَال وعادت إِلَى ديار أَبِيهَا وملكتها فأزالت جذيمة الأبرش عَنْهَا وابتنت على الْفُرَات مدينتين متقابلتين من شَرْقي الْفُرَات وَمن غربيه وَجعلت بَينهمَا نفقاً تَحت الْفُرَات وَكَانَ إِذا راهقها الْأَعْدَاء آوت إِلَيْهِ وتحصنت بِهِ وَكَانَت قد اعتزلت الرِّجَال فَهِيَ عذراء وَكَانَ بَينهَا وَبَين جذيمة بعد الْحَرْب مهادنة فَحدث جذيمة نَفسه بخطبتها فَجمع خاصته فشاورهم فِي ذَلِك وَكَانَ لَهُ عبد يُقَال لَهُ قصير بن سعد وَكَانَ عَاقِلا لبيباً وَكَانَ خازنه وَصَاحب أمره وعميد دولته فَسكت الْقَوْم وَتكلم قصير فَقَالَ أَبيت اللَّعْن أَيهَا الْملك أَن الزباء امْرَأَة قد حرمت الرِّجَال فَهِيَ عذراء لَا ترغب فِي مَال وَلَا جمال وَلها عنْدك ثار وَالدَّم لَا ينَام وَإِنَّمَا هِيَ تاركتك رهبة وحذار دولة الحقد دَفِين فِي سويداء الْقلب لَهُ كمون ككمون النَّار فِي الْحجر إِن اقتدحته أورى وَإِن تركته توارى وللملك فِي بَنَات الْمُلُوك الْأَكفاء متسع ولهن فِيهِ منتفع وَقد رفع الله قدرك عَن الطمع فِيمَن دُونك وَعظم شَأْنك فَمَا أحد فَوْقك فَقَالَ جذيمة يَا قصير الرَّأْي مَا رَأَيْت والحزم فِيمَا قلته وَلَكِن النَّفس تواقة إِلَى مَا تحب وتهوى وَلكُل امْرِئ قدر لَا مفر لَهُ مِنْهُ وَلَا وزر فَوجه إِلَيْهَا خاطباً وَقَالَ ائْتِ