الاذكياء (صفحة 156)

وَحكى عَن كسْرَى بن هُرْمُز أَنه كَانَ بعث الأصهد إِلَى الرّوم فِي جَيش عَظِيم فَأعْطى من الظفر مَا لم يُعْطه أحد قبله وَأخذ الأصهد خَزَائِن الرّوم ووجهها على هيئتها إِلَى كسْرَى فَفطن كسْرَى أَن مَال الأصهد من الظفر وَأَن هَذَا يعيره عَلَيْهِ وَيُوجب لَهُ كبرا فَبعث إِلَيْهِ رجلا ليَقْتُلهُ وَكَانَ الْمَبْعُوث عَاقِلا فَلَمَّا رأى الأصهد وتدبيره وعقله قَالَ مَا يصلح قتل هَذَا بِغَيْر جرم ثمَّ أخبرهُ بِالَّذِي جَاءَ لَهُ فَأرْسل الأصهد إِلَى قَيْصر أَنِّي أُرِيد أَن أَلْقَاك قَالَ إِذْ شِئْت فنلتقيا فَقَالَ لَهُم إِن هَذَا الْخَبيث قد هم بقتلي وَوجه إِلَيّ رجلا بذلك وَإِنِّي أُرِيد هَلَاكه كَالَّذي أَرَادَ مني والبادي أظلم فَاجْعَلْ لي من نَفسك مَا اطمئن إِلَيْهِ وَأُعْطِيك من بيُوت أَمْوَاله مثل الَّذِي أصبت مِنْك وَمثل الَّذِي أَنْت منفقه فِي مسيرك هَذَا فَأعْطَاهُ من المواثيق مَا اطْمَأَن إِلَيْهِ وَسَار قَيْصر فِي أَرْبَعِينَ ألفا فَنزل بكسرى فَعلم كسْرَى كَيفَ جرى الْأَمر فاحتال لفض جنود قَيْصر فَدَعَا قسا متنصر فِي دينه فَقَالَ إِنِّي كَاتب مَعَك كتابا لطيفاً فِي حريرة لتبلغه الأصهد فَلَا تطلعن على ذَلِك أحدا وَأَعْطَاهُ ألف دِينَار وَقد علم كسْرَى أَن القس يُوصل كِتَابه إِلَى قَيْصر لِأَنَّهُ تَحْتَهُ هَلَاك الرّوم وَكَانَ فِي الْكتاب إِلَى الأصهد أَنِّي كتبت إِلَيْك وَقد دنا مني قَيْصر فقد أحسن الله إِلَيْنَا وَأمكن مِنْهُم تدبيرك لَا عدمت صَوَاب الرَّأْي وَقد فرقت عَلَيْهِم وَأَنا ممهله حَتَّى يقرب من الْمَدَائِن ثمَّ أغافله فِي يَوْم كَذَا فغره على من قَتلك إيَّايَ فَإِنِّي استأصلهم فَخرج القس بِالْكتاب فأوصله إِلَى قَيْصر فَقَالَ قَيْصر هَذَا الْحق وَمَا أَرَادَ إِلَّا هلاكنا فَتَوَلّى منصرفاً وَاتبعهُ كسْرَى إِيَاس بن قبيصَة الطَّائِي فَقتل أَصْحَابه وَنَجَا قَيْصر فِي شرذمة قَليلَة

قَالَ هِشَام بن مُحَمَّد الْكَلْبِيّ عَن أَبِيه قَالَ كَانَ جذيمة بن مَالك ملكا على الْحيرَة وَمَا حولهَا من السوَاد ملك سِتِّينَ سنة وَكَانَ بِهِ وضح وَكَانَ شَدِيد السُّلْطَان يخافه الْقَرِيب ويهابه الْبعيد فنهيت الْعَرَب أَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015