يمشي إِلَى خَلفه وَقد اسْتقْبل الْملك بدبره حَتَّى صَار بَين يَدَيْهِ ثمَّ رفع رَأسه وَنصب وَجهه وأدار وَجهه حِينَئِذٍ إِلَى الْملك فَعلم الْملك من فطنته وهابه
وَقد روينَا أَن مزينة أسرت ثَابتا أَبَا حسان الْأنْصَارِيّ وَقَالُوا لَا نَأْخُذ فداءه إِلَّا تَيْسًا فَغَضب قومه وَقَالُوا لَا تفعل هَذَا فَأرْسل إِلَيْهِم أعطوهم مَا طلبُوا فَلَمَّا جاؤا بالتيس قَالَ أعطوهم أَخَاهُم وخذوا أَخَاكُم فسموا مزينة التيس فَصَارَ لَهُم لعباً وعبثاً كَانَ مهيار الشَّاعِر الْحَيّ والمطرز الشَّاعِر كوسجا فَمر أَبَا بِي الْحسن الجهرمي فَقَالَ
(اضرط على الكوسج وَإِلَّا لحى ... وزدهما أَن غَضبا سلحاً)
وَأَرَادَ أَن يتهما فَقَالَ لَهُ الْمُطَرز فَكيف وَقع لَك أَن تذكر عَليّ بن أبي عَليّ حَاجِب الْقَادِر بِاللَّه وَالْحسن بن أَحْمد صَاحب الْقَادِر بعد عَليّ بن أبي عَليّ وَكَانَ عَليّ ألحى وَالْحسن كوسجاً فانزعج الجهرمي وَخَافَ أَن يبلغهُ ذَلِك فيقابل عَلَيْهِ فَكتب إِلَى مهيار الديلمي يستعطفه
(أَبَا الْحسن أصفح أَن مثلي من جنى ... وَمثلك من اعفى من الْعَدو اَوْ عَفا)
(أئن طوحت بِي هفوة قلت جفوة ... وحملت سَمْعِي من عتابك مَا حفا)
حَدثنِي أَبُو بكر الخطاط قَالَ كَانَ رجل فَقِيه خطه فِي غَايَة الرداءة فَكَانَ الفكهاء يعيبونه بِخَطِّهِ وَيَقُولُونَ لَا يكون خطّ أردأ من خطك فيضجر من عيبهم إِيَّاه فَمر يَوْمًا بمجلد يُبَاع فِيهِ خطّ أردأ من خطه فَبَالغ فِي ثمنه فَاشْتَرَاهُ بِدِينَار وقيراط وَجَاء بِهِ ليحتج عَلَيْهِم إِذا قرؤه فَلَمَّا حضر مَعَهم أخذُوا يذكرُونَ قبح خطه فَقَالَ لَهُم قد وجدت أقبح من خطي وبالغت فِي ثمنه حَتَّى أتخلص من عيبكم فَأخْرجهُ