فَطِيمٌ - وكان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) إذا جاءَه يقول: " يا أبا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُغَيْرُ " (?) نُغَرٌ كانَ يلعبُ به.
877 - وروينا بالأسانيد الصحيحية في سنن أبي داود وغيره عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " يا رسول الله كلُّ صواحبي لهنّ كُنى، قال: فاكْتَنِي بابْنِكَ عَبْدِ الله " قال الراوي: يعني عبد الله بن الزبير وهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر، وكانت عائشةُ تُكَنَّى أُمّ عبد الله.
قلت: فهذا هو الصحيح المعروف.
878 - وأما ما رويناه في كتاب ابن السني عن عائشة رضي الله عنها قالت: " أسقطتُ من النبيّ (صلى الله عليه وسلم) سَقْطاً فسمّاه عبد الله، وكنّاني بأُمّ عبد الله " فهو حديث ضعيف (?) ؟.
وقد كان في الصحابة جماعات لهم كنى قبل أن يُولد لهم، كأبي هريرة، وأنس وأبي حمزة، وخلائق لا يُحصون من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ولا كراهةَ في ذلك، بل هو محبوبٌ بالشرط السابق.
879 - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن جماعة من الصحابة، منهم جابر، وأبو هريرة رضي الله عنهما أن رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " سَمُّوا باسْمي وَلا تُكَنٌّوا بِكُنْيَتِي ".
قلت: اختلفَ العلماءُ في التكنّي بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب: فذهب الشافعي رحمه الله ومَنْ وافقه إلى أنه لا يَحِلُّ لأحد أن يَتَكَنَّى أبا القاسم، سواء كان اسمه محمداً أو غيره، وممّن روى هذا من أصحابنا عن الشافعي الأئمةُ الحفّاظُ الثقات الأثبات الفقهاء المحدّثون: أبو بكر البيهقي، وأبو محمد البغوي في كتابه " التهذيب " في أول " كتاب النكاح "، وأبو القاسم بن عساكر في " تاريخ دمشق ".
والمذهب الثاني مذهب مالك رحمه الله أنه يجوز التكنّي بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره، ويجعل النهي خاصاً بحياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .
والمذهب الثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد، ويجوز لغيره.
قال الإِمام أبو القاسم الرافعي من أصحابنا: يُشبه أن يكون هذا الثالث أصحّ، لأن الناس لم يزالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار، وهذا الذي قاله صاحب هذا المذهب فيه مخالفة ظاهرة للحديث.