بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للَّه الواحد القهَّار، العزيز الغفَّار، مقدِّر الأقدار، مصرِّف الأمور، مُكوِّر الليل على النهار، تبصرةَ لذولي القلوب والأبصار، الذي أيقظ من خلقه ومن اصطفاه فأدخله في جملة الأخيار، ووفَّق من اجتباه من عبيده فجعلَه من الأبرار، وبصَّرَ من أحبَّه فزهَّدهم في هذه الدار، فاجتهدوا في مرضاته والتأهُّب لدار القرار، واجتناب ما يُسخطه والحذر من عذاب النار، وأخذوا أنفسهم بالجدِّ في طاعته وملازمة ذكره بالعشيّ والإِبكار، وعند تغاير الأحوال في آناء الليل والنهار، فاستنارت قلوبُهم بلوامع الأنوار.
أحمده أبلغَ الحمد على جميع نعمه، وأسألُه المزيد من فضله وكرمه، وأشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلاَّ اللَّه العظيم، الواحد الصمد العزيز الحكيم، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله، وصفيُّه وحبيبه وخليله، أفضلُ المخلوقين، وأكرمُ السابقين واللاحقين، صلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى سائر النبيّينَ، وآل كلٍّ وسائر الصالحين.
أما بعد: فقد قال الله العظيم العزيز الحكيم: (فاذْكُرُوني أذْكُرْكُمْ) [البقرة: 152] وقال تعالى: (وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلا ليَعْدون) [الذاريات: 56] فعُلِم بهذا إِنَّ مِنْ أفْضَلِ - أو أفضل - حال العبد، ذكره لرب العالمين، واشتغاله بالأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين.
وقد صنَّف العلماء رضي الله عنهم في عمل اليوم والليلة والدعوات والأذكار كتباً كثيرةً معلومةً عند العارفين، ولكنها مطوّلة بالأسانيد والتكرير، فضَعُفَتْ عنها هممُ الطالبين، فقصدتُ تسهيل ذلك على الراغبين، فشرعتُ في جمع هذا الكتاب مختصراً مقاصد ما ذكرته تقريباً للمعتنين، وأحذف الأسانيد في معظمه لما ذكرته من إيثار الاختصار، ولكونه موضوعاً للمتعبدين، وليسوا إلى معرفة الأسانيد (?) متطلعين، بل يكرهونه وإن قَصُرَ إلا الأقلّين، ولأن المقصود به معرفةُ الأذكار والعمل بها، وإيضاح