وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زادان من عباد التابعين رضي الله عنهم أنه كان يختم القرآن ما بين الظهر والعصر، ويختمه أيضاً فيما بين المغرب والعشاء، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وشيئا، وكان يؤخر العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل، وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أنّ مجاهداً رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء.
وأما الذين ختموا القرآن في ركعة، فلا يُحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الدّاري، وسعيد بن جبير.
والمختار: أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم، أو فصل الحكومات بين المسلمين، أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامَّة للمسلمين، فليقتصر على قدر لا يحصل له بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوت كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثْر ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملل أو الهذرمة في القراءة.
وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة.
303 - ويدلّ عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة (?) في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرها، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لاَ يَفْقَهُ مَنْ قَرأ القُرآنَ فِي أقَلّ مِنْ ثَلاثٍ " وأما وقت الابتداء والختم، فهو إلى خيرة القارئ، فإن كان ممّن يختم في الأسبوع مرّة، فقد كان عثمان رضي الله عنه يبتدئ ليلة الجمعة ويختم ليلة الخميس.