قوم، وأنزل عليه كتابًا أو لم ينزل عليه كتابًا، لكن أوحي إليه بحكمٍ لم يكن في شريعة من قبله، وعلى هذا فكل رسول نبي، وليس العكس -وهذا هو الراجح والله أعلم.
بقي لنا أن نقف وقفة حول نشأة العقيدة الإلهية؛ لنرد على المزاعم في تلك القضية، ونقصد بنشأة العقيدة الصورة التي ظهر فيها الدين أول ما ظهر، أي: الأولية التاريخية المطلقة التي لا تتقيد بزمنٍ معين منذ أن دبت قدمً الإنسان على ذلك الكوكب، ولتقرير هذه البداية نجد أن العلماء ينقسمون إلى قسمين متعاكسين.
وقبل أن نعرض هذين الرأيين علينا أن نفرق بين أمرين، وهما فطرية التدين، وفطرية التوحيد؛ أما فطرية التدين: فقد اتفق علماء الأديان إلا من شذ منهم على أن التدين أمر فطري في الإنسان مركوز فيه، أي: أن الخضوع والتذلل والخوف من كائن أعلى موجود في النفس، ومحاولة إرضاء هذا الكائن، والتذلل له أمر غريزي يلبي نداء الفطرة، وكذا الإحساس الفطري على الحياة الآخرة، وأنها دار الجزاء لما قدم الإنسان من أعمال، كما أن الإنسان مدني بطبعه، فلا يستطيع أن يعيش بمعزل عن بني جنسه، بل لا بد من التعاون مع الجماعة.
وأما عن موضوع هذا التدين أي: المعبود الذي تعلق به هذا التدين هل تعلق أول ما تعلق بالإله الواحد الموجد لهذا الكون، أم تعلقت هذه الغريزة