الصور الممثل بها، وزال من قلوب الناس اسم الله الذي لم يزل ولا يزال، وصارت المشبهة بها أوثانًا وأصنامًا وتماثيل، وطفق الناس يعبدونها، ويسجدون لها ظنًّا منهم أنها مظهر من مظاهر صفات الله، ومشاهد قدرته، وتفننوا في تصور صفات الله بهذه التماثيل المنحوتة، والأوثان المصنوعة.
ومن ذا الذي يشك في أن الله تعالى يحب عباده، ويرأف بهم، والأمم الآرية اتخذت تمثال المرأة للحب الإلهي، فإنها عندهم مظهر الحنان والأمومة، وآلهة الغرام والحب؛ فعبروا عن حب الله بنوع من العبادة، وعن حنانه عليهم بحنان الأم على ولدها، فانقلب الإله عندهم أمًّا حنونًا، وجعلوا لها تمثالًا يسجدون له ويعبدوه، والطوائف الأخرى من الهنادك، قد أظهروا هذا الحب الإلهي لعباده وحنانه عليهم بما بين الحليلة وزوجها من المودة والمحبة؛ فاختار لفيفًا من الرجال زي النساء وهيأتهن، وتخنثوا شكلًا وأخلاقًا على زعم أن يحبهم كما يحب الزوج حليلته.
وكما ظهر الإله عند الروم والإغريق في صورة امرأة. أما الأمم السامية: فقد تمثل الإله عندها رجلًا وأبًا إذ كان ذكر المرأة عندها على ملأ من الناس مخالفًا للآداب السامية، وكان الأب هو رأس الأسرة وأصلها، ويدل عليه ما استخرج من بطون الأرض في بابل، وآشور، وديار الشام من تماثيل تصور الإلهَ بصورِ الرجال.
الوجه الثاني: أنهم جعلوا صفاته منفصلةً عنه، ومنشأ ذلك أن أتباع الأديان الأخرى قد فصلوا صفاته عن ذاته، وجعلوها مستقلة عنه، وبذلك تعددت الآلهة، وكثرت في جميع الفرق الهندوكية من الدين البرهمي؛ لأنهم اتخذوا كل صفة إلهية إلهًا، وجسَّمُوا تلك الصفة في صورة، وجعلوا كل صفة يُرْمَزُ لَهَا بإله معين، وبعد أن كان الله إلهًا واحدًا صار لهم ثلاثون وثلاثمائة مليون إلهًا.