بعضهم على مذاهب بعض، كما يختلف طابعهم ووجهتهم مسايرة لتشعب نزعات الباحثين وأهدافهم.
ولو أننا تتبعنا سلسلة الحديث عن الأديان من عهد الفراعنة، واليونان، والرومان، والمسيحية، والإسلام؛ فالنهضة الحديثة لاستطعنا أن نتبين اختلاف صوره فيما بين العصر والعصر، بل ربما بين الفترة والفترة، فمثلًا العصر الفرعوني لم يصل إلى أيدينا سجل جامع دوَّن فيه قدماء المصريين دياناتهم وأديان غيرهم، ولكن البحوث الأخيرة أثبتت إثباتًا لا يخالطه وهم أن المصريين منذ ألوف السنين قبل ميلاد المسيح -عليه السلام- بدءوا يسجلون عقائدهم وعوائدهم ووقائعهم، وألوان حياتهم: أقوالًا متفرقة مسطورة في قراطيس البردي، أو منقوشة على جدران المقابر والمعابد، وأنهم تركوا إلى جانب ذلك مجموعات عظيمة من التماثيل المنحوتة، والأجساد المحنطة لملوكهم ورؤسائهم، ومقدساتهم من الطير، والحيوان، والأناسي وغيرها، وكذا صنعوا في شأن الأقاليم التي فتحوها كبلاد النوبة، وسوريا، والعراق وغيرها.
وعلى قدر سعة فتوحهم اتسعت صدورهم لمختلف العقائد، فتركوا لكل إقليم حريته في تقديس ما يشاء، واتخاذ ما يشاء من الرموز الموضعية.
أما العصر الإغريقي:
فلم يبقَ الآن مجال للشك في أن القدامى من علماء اليونان وفلاسفتهم تخرجوا في مدرسة الحضارات الشرقية، والحضارة المصرية بوجه أخص، وليس معنى هذا أن الإغريق كانوا بمثابة أوعية مصمتة نقلت علوم الشرق ومعارفه نقلًا حرفيًّا، فذلك