هذه هي أهم أركان الدين الفارسي كما جاءت في مصادره المقدسة، ومما تفرّع عن هذه الديانة ديانة ماني ومازدك، أو المانوية والمزدكية؛ حيث ظهر ماني ومازدك في بلاد فارس، وقد نادى كل منهما بدعوة خاصة دينية في إطار الزرادشتية إيجابًا أو سلبًا، وتعد هاتان الدعوتان أكبر الحركات التحريفية في الدين الفارسي؛ إذ أبعداه عن كل مضمون صحيح أو التقاءٍ مع بعض المبادئ المسلّمة في الأديان الصادقة، وكان لهذين الرجلين آثارٌ واضحة نظرًا لصلتهما بالسلطة ورجال الحكم، الأمر الذي ساعدهما على فرض آرائهما بالقوة والعنف، ويلاحظ أن هذين الرجلين ظهرا بعد ظهور عيسى -عليه السلام- ولذلك كان اختراعهما للدين عبارة عن مزج للفكر البشري في ثنايا فكر ديني صحيح.
يقول الشهرستاني: "إن الحكيم ماني زعمَ أن العالم مصنوع مركب من أصلين قديمين؛ أحدهما نور والآخر ظلمة، وأنهما أزليان، لم يزالا ولن يزالا، وأنكر وجود شيء إلا من أصل قديم، وزعم أنهما لم يزالا قويين حساسين، داركين سميعين بصيرين، وهما مع ذلك في النفس والصورة والفعل والتدبير متضادان، وفي الخير متحاذيان تحاذي الشخص والظل، وفي رأي ماني: أن ما في العالم من منفعة وخير وبركة فمن أجناس النور، وما فيه من مضرّة وشر وفساد فمن أجناس الظلمة، وهذان القديمان -النور والظلمة- يمتزجان ويفترقان وفق فلسفة معينة عند ماني، ويرجع سبب الامتزاج إلى أبدان الظلمة التي تشاغلت عن روحها بعض التشاغل، فنظرت الروح فرأت النور فكلّفت الأبدان لممازجة النور فمازجته، فرأى ملك النور ذلك فبعث خمسة أجناس نورانية امتزجت بخمسة ظلامية، وبذلك خالط الدخان الهواء والحريق النار والنور والظلام والسموم الريح والضباب الماء، ولما ظهر هذا