الامتزاج لملك النور خلق العالم كله على هيئة الامتزاج مستعدًّا لتخلص كل عنصر من غيره، وبذلك يحدث الخلاص التام في يوم القيامة والمعاد، وقد ظهر ماني هذا بعد ظهور المسيحية.
وحديث ماني عن ملك النور وملك الظلمة يعتبرهما الإلهين؛ لأن كلًّا منهما محيط بعالمه ظاهر وباطن، قديم لا أول له، آخر لا نهاية له، وقد تضمنت دعوة ماني تكاليف معينة كتأدية أربع صلوات في اليوم، وإخراج عشرٍ من الأموال، وترك القتل والعدوان، والسرقة، والزنا، وهجر عبادة الأوثان، والكذب، والسحر، كما تتضمن الدعوة إلى الحق والتمسك بالأخلاق الفاضلة، ويعترف ماني برسالة عددٍ من الرسل منهم عيسى -عليه السلام- وينكر رسالة موسى -عليه السلام، ولماني -هذا- تصور معين لقيام الآخرة التي يحاسب فيها الناس على أعمالهم؛ حيث ترتفع الأعمال النورانية إلى فلك القمر فيكبر شيئًا فشيئًا، ويتغير صوره تبعًا لذلك، فإذا بلغ منتهاه أخذ يوصل للشمس التي توصل بدورها إلى النور الأعلى الخالص، ولا يزال الأمر كذلك حتى لا يبقى نور في الأرض، فيسيطر الملك الذي يجذب السموات، فيسقط الأعلى على الأدنى، وتأتي النار على كل شيء، هذا عن أفكار ماني.
أما مازدك، فلقد ظهر زمن الملك قباز؛ قبيل ظهور الإسلام، كان يقول بالنور والظلمة كأصلين قديمين كما قال ماني، إلا أنه يفترق عنه في أن النور يفعل بالقصد، والظلمة تفعل بالصدفة، والنور عالمٌ حساس، والظلام جاهل أعمى، وإن المزج بالاتفاق والخلاص بالصدفة، ويدعو مازدك إلى الطاعة وترك الكراهية والقتال، ولقد دعا مازدك إلى شيوعية عامة في المال والنساء، حتى لا يُوجد