اضطررنا إلى حذف أحد هذين الأمرين، فأيهما يُحذف، وأيهما يبقى؟ فقال: احذفوا الأقوات، فإن الموت حظ الإنسان منذ الغابر من الأزمان، ولكن السياسة لا تقوم إلا بثقة الرعية.

ومن أشد الأمور جذبًا لثقة الرعية التزام الحاكم بالسلوك القويم، والتزام أعوانه بالفضائل والأخلاق، ولقد سأل أمير المقاطعة "كنفشيوس" قائلًا: كيف تكتسب طاعة الرعية؟ فأجابه بقوله: إذا أُعلِيَ الصالحون وأبعد الطالحون، فولاية أهل الصلاح تجذب الناسَ إلى الحاكم، وكان يقول: لو تداولت أيدي الصالحين شئونَ الدولة لمدة قرن واحد، لتهذب الظالمون جميعًا، ولاستغنى الحاكم عن العقوبة، وما دام الصلاح لازمًا لاستتباب الأمر في الدولة، فعلى الصالحين الأكفاء أن يطلبوا الولاية لأنفسهم، وإذا نالوها وشعروا أن الحكومة ظالمة، عليهم أن يتركوا عملهم فورًا، إن الدولة تقوَى بالأخلاق والشجاعة وتعتني بالثقة، وتعيش بالأمن والهدوء.

ولعل أسلوب الحوار الذي سجل به "كنفشيوس" كتابه، وجعله بين أستاذ وتلميذ، ووضع فيه كل آرائه الأخلاقية، لدليل عملي على منهج الأستاذ في ربط العلم بالسلوك.

كيفية نشر الأخلاق؟

وضع "كنفشيوس" منهجًا لنشر فلسفته الأخلاقية طبقه على نفسه، وهو منهج مفيد لنشر الأفكار والمعتقدات، يعتمد هذا المنهج على الوسائل التالية:

أ- دعوة الأشخاص الملازمين كالأهل والأصدقاء والجيران، ولذلك كان دعوة الأبناء لآبائهم واحترامهم لهم من أولى اهتمامات "كنفشيوس".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015