إن الصينيين يعتقدون في أن إشعال النار ورفع الصوت واللغو بالأناشيد والرقص، تبلغ الإله، وتحمل معها فحوى الرسالة التي يريدون بلوغها إليه، ومع اعتقاد الصينيين في الآلهة، ومع تقديمهم للقرابين وأدائهم للعبادات، مع ذلك لم يكونوا يؤمنون بجنة أو بنار، وإنما كانوا يرون أن الهدف هو إصلاح معايشهم وحياتهم التي يحبونها، ولذلك نجدهم يركزون في شعائرهم ونظمهم على الأخلاق الفاضلة، وأسس الخير والشر، وقواعد السلوك العملي الممتازة.
ولقد بلغت الأخلاق عند الصينيين درجةً من السمو أدهشت العلماءَ عندما تعرفوها، الأمر الذي جعلهم يقفون في تصور السر وراءها مواقف كثيرة.
إن المدهش في فلسفة الأخلاق عند الصينيين ارتباطها بالدين برغم ما في تدينهم من خيالات وأساطير لا صلةَ لها بالواقع، وهنا يرى الشيخ محمد أبو زهرة أن لا دهشةَ في هذا؛ لأن الأخلاق الصينية اعتمدت على العقل المطلق وفكر الحكماء، بينما الدين اعتمد على النقل، وكل منهما رضي لنفسه طريقه، وإن تشابكَا معًا في المسيرة كطبيعة الصينيين في كثير من حياتهم وآرائهم.
ثالثًا: الأخلاق الصينية:
آمن الصينيون منذ القديم بأن جميع الأحداث تتبع الأخلاق، فكلما كان الاعتدال والانسجام والفضائل تسوده المعاملة بين الناس، فالكون سائر في فلكه من غير أي اضطراب، لكن إذا حاد الإنسان عن الحق والفضيلة اضطرب بعض ما في الكون، وما الزلازل والكسوف والخسوف إلا أمارات لفساد أخلاقي. وقد اهتم جميع الفلاسفة والحكماء بهذا الجانب الهام، ومن أقوال "كنفشيوس": "إن الناس قد ولدوا صالحين ويجب أن يبقوا صالحين ما داموا أحياءً، إن الطريق