لم يتعرض في مباحثه لوجود الله، بل حاول حل مسألة الحياة فقط، وانتهى منها دون التحرش بالله وبوجوده، إنه قد قطع كل علاقة له بالحياة الدينية في الهند التي كانت تدين بآلهة لا تعد ولا تحصى، إنه بدأ بحثه وفرغ منه دون أن يلجأ إلى الاعتقاد بالله، وأن الأساس الذي بنَى عليه بحثه أساس فلسفي، وكلامه حق إلى حد كبير، لولا ما في البوذية من جانب روحي، الأمر الذي دفع أتباعَه إلى الإيمان بالآلهة بصورة حماسية يقينية، لولا ذلك لكان القول بأن البوذية مجرد فلسفة مؤكدة.
الركن الثاني في البوذية: إلغاء الطبقات:
لم يعترف بوذا بالتقسيم الطبقي ونادَى بضرورة إلغائه؛ لقيامه على أساس غير أخلاقي، وملخص رأيه في هذا النظام: أنه من تأليف البراهمة؛ ليستعبدوا به الناس من غير سند ديني وكل نص أو اعتقاد يؤيد هذا النظام هو من نسج الخيال، ولتشدد بوذا في هذا جعل الشرط الرئيسي لمن يدخل في البوذية ألا يسلم بالطبقات، وكان يقول: اعلموا أنه كما تفقد الأنهار الكبيرة أسماءها عندما تُصب في البحر، كذلك تبطل الطبقات الأربعة عندما يدخل الشخص في البوذية ويقبل شريعتَها، إن ما تدعو إليه البوذية هو الرهبنة، وفي الرهبنة يتساوَى سائر البشر.
ومن المبادئ التي تؤيد وتدعم إلغاء الطبقات في البوذية عدمُ تخصيص جماعة خاصة للرهبنة والوعظ، وجعل ذلك واجبًا على البوذيين جميعًا، وكل من يلتحق بالبوذية عليه أن يرغب عن متاع الدنيا، ويتخلق بالأخلاق التي حددها بوذا ويدعو إليها.