أتباعَه عن الخوض في هذه المسائل ويوبخهم إذا سألوه فيها، ويقول لهم: أيها المريدون، لا تفكروا كما يفكروا الناس، بل فكروا هكذا: هذا ألم، وهذا مصدر الألم، وهذا إعدام الألم، هذا سبيل إعدام الألم، وكان يتجه إلى إنكار الإله بصورة ضمنية حتى عده البراهمة ملحدًا، ويرون أن عدم تصريحه بالإلحاد نوع من التقية وطلب الأمان.
ونظرًا لأن الإيمان بالله فطرة وضرورة، نجد بوذا نفسه يدعو أتباعه إلى إفناء النفس الصغرى؛ لتصل جزءًا من النفس الكبرى العظيمة التي وصفها بمجموعة من الصفات المثالية، مما جعل البعض يتصور أن الإله البوذي هو هذه النفس العظيمة؛ لأنها لو لم تكن كذلك فما هي في الحقيقة؟
وقد حاول أتباع بوذا أن يبحثوا لأنفسهم عن إله خاص بهم، ووصلوا إلى أن روح الله حلت في بوذا الإنسان، أو أنه كائن علوي هبط إلى هذا العالم؛ لينقذه من شروره وسوآته، ويبدو أن إنكار بوذا للإله كان مجرد انفعال ومعاداة للهندوسية؛ لأنه لم يذكر أسبابًا معينة ومعقولة لإغفاله ذكر الآلهة. لكن الناظر في فلسفة بوذا وتعاليمه يرى أنه يؤمن بالحساب الأخروي، ويؤمن بالجنة والنار، مما يؤكد أن بوذا في صمته عن ذكر أي شيء يتعلق بالآلهة، يضطر إلى الإيمان بما يعارض هذا الإنكار.
ولم يستمر إغفال البوذيين للإله فترة طويلة بعد وفاة بوذا؛ إذ نجدهم يؤمنون مع الهندوس بآلهتهم ويتقربون إليهم، بل إنهم أخذوا يؤلهون بوذا نفسه، ولم يجدوا من تعاليم دينهم ما يحرم عليهم هذا التطور أو يجيزه لهم.
ويرى بعض العلماء أن البوذية مجرد فلسفة:
يقول أبو المكارم آزان: يبدو لي أن وضع بوذا في صفوف الفلاسفة أسهل من وضعه في صف الأنبياء؛ وذلك لأنه