ويفسرون ذلك بتأثر المصريين ببعض العقائد السماوية، وبصورة خاصة تلك الرسالات التي عاشت فترة بينهم، كرسالة إبراهيم ويوسف وموسى -عليهم الصلاة والسلام. وهؤلاء العلماء لا يرون الدين الصحيح صناعة بشرية، ويؤكدون أنه لا يكون إلا بالوحي المنزل على رسول من رسل الله تعالى، ويذهب بعضهم إلى أن الدين الصحيح جاء لسائر الأمم داعيًا للتوحيد الخالص والنظام المستقيم، استنتاجًا من الحقيقة القرآنية الواردة في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} (فاطر: 24).
وهو بهذا يرى أن المصريين عاشوا بالضرورة مع رسالة سماوية صحيحة، وبعد ذلك أتاهم التحريف والتغيير، فانحدروا من التوحيد إلى التعدد إلى الوثنية، وهكذا كان تغير الدين في مصر القديمة نحو الهبوط، ولم يكن صعودًا دائمًا، وأصحاب هذا الاتجاه لا ينفون عن الدين المصري مروره في المرحلة البدائية، بل يذكر بعضهم أنها ظهرت قبل التوحيد الصحيح. (الإنسان في ظل الأديان) (معتقدات الأديان القديمة) للدكتور عمارة نجيب.
أما الاتجاه الثالث فيذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن الدعوات الإلهية الصحيحة، ظهرت في مصر، إلا أنهم يذهبون إلى تحديد الدعوات، التي كلف المصريون بها، إذ يذهب بعضهم إلى أن إدريس -عليه السلام- هو رسول الله المرسل إلى المصريين القدماء، حيث يقولون: ولد إدريس -عليه السلام- بمدينة إدفو من أعمال الصعيد حيث رحل إليها أهله.
وقد ذكر المؤرخون أنه عاش يدعو المصريين إلى عبادة الله وتوحيده، وتنزيهه عن كل شرك كما دعا إلى المحبة والزهد والعدل والإحسان، ومن المعلوم أن إدريس -عليه السلام- من رسل الله الذين أرسلوا مع بداية حياة الآدميين على الأرض، وبذلك