كهنة متفرغين للوعظ والعبادة، وخدمة الآلهة، ومن صور النمو الديني: شعور المصريين بأن بعض آلهتهم عالميون، كإله الشمس وإله الحياة، وإحساسهم بأن سلطان هذه الآلهة يمتد لما بعد الموت، وأنه فوق سلطان البشر، واهتمامهم بالتراتيل والأناشيد الدينية والتعاويذ حفظًا وكتابة.

وقد أدى هذا النمو في مرحلة ما إلى تسليم المصريين بأن بعض الآلهة أكبر من بعض آخر، وهذا دفعهم إلى الإيمان بالآلهة الأكبر، ثم كان الترقي في النهاية إلى معرفة المصريين للتوحيد، والإيمان بوجود إله واحد أعلى مما عداه له عدة أسماء تبعًا للهجات الإقليم، وتعدد اللغات وتبعًا للصفات التي يتصف بها. وأصحاب هذا الاتجاه يرون العقيدة من صناعة المصريين بصورة كلية، ويُرجعون جميع صورها إلى العقل الإنساني والصناعة البشرية المجردة.

وقد ذهب إلى هذا الاتجاه في تفسير العقيدة المصرية عدد كبير من العلماء، وعلى رأسهم الأستاذ عباس العقاد في كتابه (الله) والدكتور عبد المنعم أبو بكر في كتابه (أخناتون) والأستاذ جيمس هنري برستد في كتابيه (تطور الفكر والدين في مصر القديمة) و (انتصار الحضارة) والأستاذ حبيب سعيد في كتابه (أديان العالم).

أما الاتجاه الثاني، فيذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن العقائد البدائية التي ظهرت في مصر القديمة من اختراع العقل، إلا أنها سرعان ما تأثرت بالتعاليم التي جاء بها الرسل، مما جعلها تقف على التوحيد الإلهي الصحيح، الذي تأثر بعد مدة بالتفكير البشري، وداخلته بعض العقائد القديمة، الأمر الذي أبعده جزئيًا عن صفاء التوحيد والدعوة الإلهية، وهؤلاء العلماء لا يسلِّمون بوجود التوحيد خالصًا في مصر، بل يؤخذون عليه ارتباطه بالشمس أو بإله الآلهة، البادي في صورة ملموسة حيث يسكن القصور ويأكل ويشرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015