يختلفون في تفسير نشأة كل من التوحيد والتعدد، وفي أيهما الأسبق وفي الصلة بينهما، ولذلك نراهم ينقسمون إلى ثلاثة اتجاهات هي:
الاتجاه الأول: يذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن الدين ظهر عند المصريين القدماء على سنة التطور الفكري، حيث بدأ بدائيًّا ثم أخذ في الترقي شيئًا فشيئًا، حتى وصل إلى عقيدة التوحيد، ويرى هؤلاء العلماء إلى أن تحول المصري القديم من الصيد إلى الزراعة، جذب انتباهه إلى البحث عن سر تحول الحبة بعد بذرها في الأرض إلى نبات أخضر مثمر، يمثل صورة الكائن الحي في التكاثر والنماء والتغذية والإخراج، وقد أدى هذا إلى الاعتقاد بوجود إله، هو روح هذه الحياة الخضراء حيث يحفظ لها استمرارها وتجددها، وسمى المصريون هذا الإله باسم أوزوريس.
ومن الزراعة نفسها أدرك المصريون ما في ماء النيل من أثر قوي على استمرار الخضرة وازدهارها، فاعتقدوا بإله النيل وأسموه حورس، ومن البيئة التي عاشها المصريون أدركوا أهمية الشمس، واعتقدوا بوجود إله يعرف بإله الشمس هو رع، وهكذا يفسر هؤلاء العلماء نشأة الآلهة المصرية، إذ يرونها ترتبط بالظواهر الطبيعية، التي أوحت للإنسان باختراع عقيدة معينة مرتبطة بالآلهة معينين، لهم أثر واضح في معاشهم ونشاطهم، ويرى العلماء أن هذه المرحلة البدائية مرت بطورين:
أولهما: تأليه المظهر الطبيعي ذاته.
وثانيهما: تأليه الروح التي يرمز لها المظهر الطبيعي، وقد قوي تأليه الروح حينما انتشر بين المصريين الإيمان بالروح، التي تسكن كل كائن موجود لاعتقادهم بوجود روح في كل شيء. وقد ساعد على نمو العقيدة ورقيها عند المصريين وجود