تتجه إلى الوادي السحيق، حيث يوجد بوسطه نهر الدينونة الرهيب، والوادي على شكل نصف دائرة، ممتدة على جوانبه التلال والجبال، وامتلأ من داخله بالهوام والوحوش.
إن الوادي مقسم إلى اثنتي عشرة منطقة، وهو ممتلئ بالأفاعي والثعابين والوحوش الضارية، ولا ينجو من هذه الآلام إلى الأرواح التي تسلح أصحابها بأعمال البر والخلق القويم.
وفي الوادي توجد محكمة الموت المعروفة بمحكمة أوزوريس، وعدد قضاتها اثنان وأربعون قاضيًا، يتوسطهم أوزوريس جالسًا فوق منصة تعلو تسع درجات، وتمثل الروح أمام المحكمة، وتنهال عليها الأسئلة: هل مجدت الآلهة؟ هل ارتكبت جريمة ما؟ هل نطق لسانك بالكذب وشهدت بالزور؟ هل غدرت بجارك؟ هل أحببت قريبك كنفسك؟ فترد على ما يوجه إليها من أسئلة وتقول: هأنذا أعاين جمالك ولم أرتكب الظلم في الناس، لم أقتل ولم أأمر بالقتل، لم أكذب ولم أذكر أنني خنت أحدًا، لم أعص الأوامر الإلهية ولم أحرض أحدًا على رئيسه، ولم أُجوع أحدًا، ولم أطفف كيل القمح، ولم أغش في قياس الذراع وفي حد الحقل، ولم أضغط على قَب الميزان، فأنا نقي نقي نقي.
وبعد ذلك يكون القضاء، وهي لحظة شاقة تنتظرها الروح لتعرف مصيرها في الآخرة، وهل ستكون من المقبولين الفائزين أم تكون من المحرومين المعذبين. إن الجنة هي جزاء المقبولين والعذاب جزاء المحرومين، وكلاهما في صورة حسية مادية على نمط تصور المصريين للحياة الأخروية بشكل عام. هذا وللعلماء في نشأة وتطور عقيدة المصريين آراء، حيث يتفق العلماء جميعًا على ظهور التوحيد في مصر القديمة، كما يتفقون على وجود الآلهة المتعددة فيها أيضًا، إلا أنهم