والمال والوقت والفكر في سبيل عقيدة عبادة الموتى والأسلاف، والإيمان بالحياة بعد الموت وبالثواب والعقاب، حتى أقاموا لموتاهم هذه المقابر، وشيدوها بهذه الصورة، وأسسوها على هذا النحو الخاص، وحنطوا فيها أمواتهم ووضعوا الأدوات التي يستعملونها في أماكن لا تنالها عوادي الزمن، وفي ظروف لا تسمح للصوص بسرقة شيء من هذه الأدوات.
فتطور الاحتياط حسب التقدم الحضاري للمصريين، منذ كانوا يسكنون وادي النيل ويعيشون كصيادين بدائيين، ويدفنون موتاهم ومعهم أسلحتهم، وأواني مأكلهم ومشربهم، فلما تقدم الزمن وصار لهم ملوك وحضارة زاد ما كانوا يدفنونه مع موتاهم، فزادت عنايتهم واحتياطاتهم، فبنوا المقابر الضخمة ووضعوا فيها الأثاث الجنازي الكثير.
ثانيًا: في عقائد المصريين القدماء: الإيمان بالحياة في الآخرة، حيث آمن المصريون القدماء بالحياة بعد الموت، على أساس إيمانهم بأن الروح لا تفنى بالموت ولا تذهب بذهاب الجسد؛ لأن الموت في نظرهم عبارة عن مجرد مفارقة الروح للجسد.
وحتى يضمنوا عودة الروح لجسدها مرة أخرى بعد الموت، فقد بذلوا جهدهم في العناية بالأجساد وتحنيطها، ووضعها في توابيت قوية ومقابر ضخمة، وبالغوا في إخفائها، حتى لا يعتريها أمر يضيعها أو يضعفها، وبذلك تكون مستعدة لاستقبال الروح والعيش في السلام الكامل، وفي الحياة الآخرة آمن المصريون بالدينونة بين يدي الآلهة، ولذلك اهتموا بوضع كتاب الموتى مع الميت؛ ليعينه في اجتياز الحساب ودخول الجنة.
وقد بينت النصوص عقيدة المصريين في الروح والحساب والخلود، ووضحت مدى اعتمادها على الصور الحسية الدنيوية، فهم يعتقدون أن الروح بعد الموت