وكنه الصورة التي كانت تتمثل لدى القروي ولدى المدني ولدى رجل الدين، وهل كانت جميعًا واحدة وفي مستوى واحد، أو كانت مختلفة. إن معلوماتنا مأخوذة من أوراق البردي ومن نصوص الأهرام، ومن سائر الكتابات، وهي أوثق شيء لدينا حتى الآن، وهي الدليل عند العلماء على ما ذهبوا إليه.

ومن ثم لا نستطيع تفسير هذه الظواهر بدقة، وإن كنا نستطيع تصور التوحيد ومعرفة أسماء الآلهة الكثيرة، وما يدور حولها من الأساطير، وعلى الجملة فإن المصريين عرفوا التوحيد وعبدوا الآلهة المتعددة، فاجتمع لديهم التوحيد والشرك، وقد أوردت ما يدل على التوحيد عندهم، وكذلك ما يدل على تعدد الآلهة، وقد عُلِمَ أنه شاعت في مصر القديمة عبادة الطواطِم، التي يراد بها عبادة الحيوانات، كعبادة الصقر والنسر والقط والنسناس والجُعل والتمساح، وغير ذلك من فصائل الحيوانات وهي بقايا طَوْطَمية تحولت مع الزمان إلى رموز.

كما شاع عند المصريين القدماء عبادة الأرواح أو عقيدة الأرواح، فكان المصريون من أعرق الأمم التي آمنت بالبعث والثواب والعقاب بعد الموت، فكانوا يؤمنون بالروح ويجعلونها في صورة زهرة أو طائر له وجه آدمي، وتارة في صورة تمساح أو ثعبان، وقالوا: إن الروح تتشكل بجميع الأشكال، ولكنهم لم يقولوا بتناسخ الأرواح.

وأما أثبت العبادات وأعمها وأقواها وأبقاها، فهي عبادة الموتى والأسلاف دون مراء، ومن هنا كانت عناية المصري بتشييد القبور، وتحنيط الجثث وإحياء الذكريات التي لا تفوقها عناية شعب من الشعوب، وقد بقيت آثار هذه العبادة إلى ما بعد بزوغ الديانة الشمسية وعبادة الشمس، وكذا عبادة البشر متمثلة في أوزوريس وإيزيس وحوريس، ويبدو أن المصريين قد بذلوا الكثير من الجهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015