ذلك، ولا خبر قاطعًا للحجة، كيف لا ونصوص الإنجيل والكتب النصرانية متضافرة دالة على عدم صلب عيسى -عليه السلام- ووقوع الشبه على غيره وذلك من وجوه منها.
الخامس: جاء في الإنجيل أن المطلوب قد استسقى اليهود فأعطوه خلًا ممزوجًا بمرارة، فذاقه ولم يشربه فنادى: إلهي إلهي لم خذلتني، في الوقت الذي صرحت فيه الأناجيل بأن عيسى -عليه السلام- كان يطوي أربعين يومًا وليلة ويقول للتلاميذ: "إن لي طعامًا لستم تعرفونه، ومن يصبر على العطش والجوع أربعين يومًا وليلة، كيف يظهر الحاجة والمذلة والمهانة لأعدائه بسبب عطش يوم واحد" هذا لا يفعله أدنى الناس فكيف بخواص الأنبياء، أو كيف بالرب تعالى على ما تدعيه النصارى، فيكون حينئذ المدعي للعطش غيره يقينًا وهو الذي شبه لهم.
السادس: قوله: إلهي إلهي لِمَ خذلتني، هو كلام يقتضي عدم الرضا بالقضاء، وعدم التسليم لأمر الله تعالى، وعيسى -عليه السلام- منزه عن ذلك فيكون المصلوب غيره، لا سيما والنصارى يقولون: إن المسيح -عليه السلام- نزل ليؤثر العالم على نفسه، ويخلصه من الشيطان ورجسه، فكيف يتفق هذا مع ذلك وهو على خلافه تمامًا.
السابع: جاء في التوراة أن إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون -عليهم السلام- لما حضرهم الموت كانوا مستبشرين بلقاء ربهم، فلم يجزعوا من الموت ولم يهابوا مذاقه، ولم يعيبوه، مع أنهم عبيد الله، والمسيح بزعمكم ولد ورب، فكان ينبغي أن يكون أثبت منهم، ولما لم يكن ذلك دل على أن المصلوب غيره.
الثامن: نطق الإنجيل بأن عيسى -عليه السلام- نشأ بين ظهور اليهود في مواسمهم وأعيادهم وهياكلهم، يعظهم ويعلمهم ويناظرهم، ويعجبون من براعته وكثرة