ضئيل من بهاء أنوارها، ويراد بها إظهار المسيح لنا أنه الشخص الوحيد الذي حاز رضا الله، وأطاع وصاياه، فقبل الموت موت الصليب، لذلك يقول الله فيه: هذا ابني الحبيب، الذي به سررت له اسمعوا.
وقد تكررت هذه العبارة عدة مرات مدة خدمة المسيح على الأرض؛ لأنه تم إرادة الله في الفداء، ويراد بها إظهار التشابه والتماثل في الذات وفي الصفات وفي الجوهر، كما يكون بين الأب والابن الطبيعيين، فقيل عن المسيح: إنه بهاء مجد الله ورسم جوهره. قال هو عن نفسه: من رآني فقد رأى الأب والأب واحد، ويراد بها دوام شخصية المسيح، باعتباره الوارث لكل شيء، الذي منه وبه وله كل الأشياء.
وقد يراد بها معانٍ كثيرة غير معدودة يقصر دون إدراكها العقل، وفي هذا التفسير والتفسير الذي سبقه، يبدو بجلاء أن شخصية الابن غير الأب، وكذلك روح القدس، ولكن هل يدخل في الأقنوم الثاني جسده وروحه؟
جاء في كتاب (خلاصة تاريخ المسيحية في مصر): كنيستنا المستقيمة الرأي التي تسلمت إيمانها من "كرلس" و"ديسيقورس" ومعنا الكنائس الحبشية والأرمانية والسريانية الأرثوذكسية، نعتقد أن الله ذات واحدة مثلثة الأقانيم؛ أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم الروح القدس، وأن الأقنوم الثاني -أي: أقنوم الابن- تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، مُصَيِّرًا هذا الجسد معه واحدًا وحدة ذاتية جوهرية، منزهة عن الاختلاط والامتزاج، والاستحالة بريئة من الانفصال.
وبهذا الاتحاد صار الابن المتجسد طبيعة واحدة من طبيعتين ومشيئة واحدة، وتعتقد الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية بأن للأقنوم الثاني طبعيتين ومشيئتين.