ومما جاء في التوراة عن صفة النبي -عليه الصلاة والسلام- قد بقي إلى يومنا هذا ما يلي: "وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله ابن إسرائيل قبل موته، فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق من ساعير، وتلألأ من جبال فاران، وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم". سفر التثنية الإصحاح 33 الفقرة الأولى والثانية.
وهذه شهادة صريحة من التوراة وواضحة بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ورسالته؛ إذ معنى هذا النص: "جاء الرب" المراد به: ظهور ملاك الرب على نبيه وتلقينه كلام الله، و"أشرق" المراد: تجلية الشريعة وتوضيحها، "وتلألأ" المراد: قمة البيان والهيمنة، "وأتى من ربوات القدس" أي: أتى عليه الدهر أهلكه، وهي إشارة إلى انتقال القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، من هيكل سليمان للكعبة المشرفة، وقد أكد المسيح من قبل على خراب أورشليم وزوال النبوة والكتاب والملك من بني إسرائيل.
وبعد معرفة معاني الألفاظ يكون معنى النص: إن الله تعالى ناجى موسى -عليه السلام- وأوحى إليه بسيناء، وأرسل عيسى -عليه السلام- وأوحى إليه بساعير -وهي من أرض الجبل المقدس- وبعث محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رسولًا معلنًا كلمة لا إله إلا الله مستعلنًا بها من مكة الواقعة بين جبال فاران كجبل أبي قبيس وحراء وغيرهما من جبال مكة المحيطة بها، وفي بعض الترجمات: واستعلن من جبال فاران ومعه ألوف الأطهار، وهل غير محمد -صلى الله عليه وسلم- أرسل في مكة، ثم دخلها ومعه عشرة آلاف مؤمن بشريعة متميزة سمحاء؟!.