خلْقِهِ، إنما كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11) إنه كما قال -جل وعلا-: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الأنعام: 103).
لكن هكذا اعتقد اليهود في ربهم، كما حكت توراتهم المحرفة إن شئت قلت: توراتهم المفتراة، وهذا فضلًا عما زعمه التلمود عن الله -عز وجل- فالتلمود أيضًا وصف الله -عز وجل- بصفات لا تليق واليهود يعتقدونها، كما يعتقدون التوراة أو ما جاء في التوراة، بل كما ذكرت لك عند الكلام عند المصادر أنهم يعظمون التلمود أكثر من التوراة.
وقد زعموا في هذا التلمود: أن الرب يقسم ساعات النهار إلى ساعات يطالع فيها الشريعة وساعات يحكم فيها، وساعات يطعم فيها العالم، وساعات يلعب فيها مع الحوت ملك الأسماك، وليس هذا فقط، بل لله ساعات يلعب فيها مع حكماء اليهود، وأحبار اليهود حيث يصعدون إليه أو هو ينزل إليهم، ويلعبون، ويتسامرون ويتقامرون، وكذا يفعل الرب مع الأنبياء، ومن بينهم يعقوب الذي صعد ليلة يلعب مع الرب؛ فغلب الرب فقام يتصارعان، فأوشك يعقوب أن يصرع الرب، وأن يغلبه، فلما رأى الرب أنه سيغلب ضرب يعقوب على فخذه، فأصابه بعرق النسا، فقال: دعني يا يعقوب، وأنت من الآن لا يقال لك: يعقوب، بل إسرائيل، يعني: أعطاه وسامًا، وجعله إسرائيل بمعنى العبد المبارك حتى لا يغلبه، وحتى لا يطرحه أرضًا، أو لا يصيبه بضربة قاضية.
أي: رب هذا الذي يعبده اليهود رب ندم جدًّا على أنه فعل ما فعل باليهود التعساء البؤساء المساكين حتى إنه كل يوم يبكي، ويلطم يلطم كل يوم، ومع كثرة بكائه تسقط من عينيه دمعتان في البحر؛ فيسمع دويهما من بدء العالم إلى نهايته،