إن الحقائق العلمية تؤيد القول بوجود رسالات صحيحة في الفرس على الأساس الذي بيناه من قبل؛ وهو إرسال الرسل إلى جميع الأمم، ولأن العقول البشرية لا تصل وحدها إلى التوحيد الخالص بحقائقه التي يأتي بها الرسل.
وأيضا فإن التطور يقتضي الترقي المستمر نحو الأفضل، بينما في أديان الفرس تذهب إلى الأسفل والأدنى، إذ نرى أن دعوة من جاءوا بعد زرادشت كانت انحدارا وانتكاسا، حيث دعا ماني ومزدك وغيرهما إلى تعدد الآلهة بعدما دعا زرادشت إلى التوحيد، ومع ترجيحنا هذا فإن القول بأن زرادشت هو الرسول المبعوث لا نعلق عليه نفيا أو إثباتا؛ حيث لا تنهض الأدلة مثبتة أو نافية، وكل ما يمكن القول به أن النبوة قبل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ليست ممنوعة، لكن الإيمان برسول معين يتوقف على ورود ذكره في القرآن الكريم، فهو الكتاب الذي قص أخبار بعض الرسل وأشار إلى وجود رسل لم يرد لهم ذكر، ولذلك لزم التسليم بإمكانية إرسال رسول لكل أمة من غير تعيين شخصه ما لم يرد له ذكر في القرآن الكريم.
وفاة زرادشت:
بعد حياة حافلة بالعطاء كما يعتقد الزرادشتيون وكما ذكر كثير من الباحثين حانت منية زرادشت، وأتاه الموت بعد عمر يقرب من سبع وسبعين سنة مات زرادشت. يقول صاحب كتاب (الأسفار المقدسة): "وقد قضى زرادشت نحبه حوالي سنة خمسمائة وثلاث وثمانين قبل الميلاد على أرجح الأقوال، وهو في نحو السابعة والسبعين من عمره في أحد الهياكل المقدسة في بلخ، ومات قتيلا وهو يقوم على خدمة النار في أثناء غارة التورانيين على بلاد إيران، فقد وصلوا إلى بلخ بينما كان زرادشت وثمانون من كبار الكهنة يقدمون الوقود للنار في هيكل هذه المدينة،