ولماني تصور معين لقيام الآخرة التي يحاسب فيها الناس على أعمالهم، حيث ترتفع الأعمال النورانية إلى فلك القمر فيكبر شيئا فشيئا وتتغير صوره تبعا لذلك، فإذا بلغ منتهاه يصل للشمس التي توصله بدورها إلى النور الأعلى الخالص، ولا يزال الأمر كذلك حتى لا يبقى نور في الأرض فيسيطر الملك الذي يجذب السموات فيسقط الأعلى على الأدنى، وتأتي النار على كل شيء هذا عن أفكار ماني.
أما مزدك فلقد ظهر زمن الملك قباث قبيل ظهور الإسلام، وكان يقول بالنور والظلمة كأصلين قديمين كما قال ماني، إلا أنه يفترق عنه في أن النور يفعل بالقصد والظلمة تفعل بالصدفة والنور عالم حساس والظلام جاهل أعمى، وأن المزج بالاتفاق والخلاص بالصدفة. ويدعو مزدك إلى الطاعة وترك الكراهية والقتال، كما دعا مزدك إلى شيوعية عامة في المال والنساء حتى لا توجد كراهية بين الناس، ولذلك اعتبر مزدك من أقدم الشيوعيين في العالم، وقد كلف مزدك أتباعه بعبادات معينة وصور الآلهة المعبودة بصورة جسمية، حيث جعله قاعدا على كرسيه العلوي يعاونه أربع قوى من ورائهم سبعة آخرون وهكذا.
آراء العلماء في دين الفرس:
اتخذ العلماء مواقف متعددة في تفسير نشأة الزرادشتية وتطورها؛ فمن قائل بالتطور الديني على أساس أن عقائد الفرس بدأت بالخرافات والأساطير وتأليه الظواهر المحسوسة، مع تعدد الآلهة، وأنها استمرت في التطور حتى عرفت التوحيد الخالص في المراحل الراقية، ومن قائل بأن الرسالات الإلهية ظهرت في بلاد الفرس، وأنها هي التي علمت الناس هناك وحدانية الله تعالى وهكذا.