مغادرته القصر، ولم يخرج منها حتى نالته الوفاة، وقد طبق تلاميذه وأتباعه هذا النظام تمام بتمام حتى انتهى الأمر بإنشاء المعابد، والأديرة الفاخرة للرهبان، وانتشرت هنا وهناك في ربوع الهند وغيرها.

ومن هنا يمكن القول: بأن الزهد والعزلة هما من الدعائم الأولى للحياة الديرية في البوذية؛ لأنهما مهدَا في أول الأمر لنوع من حياة الرهبانية الانفرادية، ويتمثل ذلك في رهبانية بوذا وحوارييه، ثم تحولت بعد ذلك إلى حياة ديرية اجتماعية بعد انتشار المعابد والأديرة، ولما كثرت أتباع البوذية في الهند، وغيرها وضعت لهم القوانين، والنظم والتقاليد في الرهبنة تدريجا على أيدي الرهبان البوذيين أنفسهم.

ولم يضع بوذا في حياته صورة، أو شكلًا معينًا للبوذية، كما هو معروف الآن بل تم ذلك بعد وفاته على أيدي الرهبان الأوائل، ثم الذين بعدهم، وهلم جرا، حيث أدخلوا عليها تعديلات، وإضافات كثيرة حسب أهوائهم ومصالحهم، كما هو شأن سائر القوانين، والنظم الوضعية، وعبر مرور الزمن، وكثرت التعديلات، ودونت النظم الرهبانية في البوذية، وأصبح قانون الرهبانية يحكم به الرهبان البوذيون فيما بينهم.

ثالثًا: هل هناك صلة بين النصرانية والبوذية في النظام الرهباني؟

وللإجابة عن هذا التساؤل نقول: لم تكن الرهبنة أصلًا من الأصول التي جاء بها المسيح عيسى -عليه السلام- إنما هي بدعة استحدثها النصارى متأثرين بنزعات فلسفية، ومذاهب أخلاقية المنادية بالنسك والعابدة، والتي ظهرت قبل المسيحية، ومنه البوذية، ولا يخفى علة كل باحث في الأديان أن هناك صلة وثيقة بين البوذية، والنصرانية في النظام الرهباني؛ وذلك لوجود ملامح متشابهة بين الرهبانيتين؛ مما يؤكد أن النصرانية قد اقتبست

طور بواسطة نورين ميديا © 2015