رهبانيتها من البوذية التي سبقتها بما يقرب من خمسة قرون. ومن الأدلة على ذلك:

أ- أن الرهبة النصرانية نشأت أول ما نشأت في مصر في خلال القرن الثالث الميلادي، ثم نقلها الرهبان الأقباط إلى فرنسا وإيطاليا، وغيرها من الدول، كما أن أولى الأديرة التي عرفتها المسيحية، كانت في مصر وخاصة في الإسكندرية التي كانت تمثل المركز الحضاري والتجاري للرومان آنذاك؛ ونظرًا لتبادل المصالح التجارية كثر توافد تجار لهند وسفرائها على على الإسكندرية، وتردد عليها كثير من البوذيين والجينيين، وهم في طريقهم إلى الروم.

وبتعبير آخر أن الإسكندرية كانت علة علم تام ومعرفة كاملة بأديان الهند وفرقها ونحلها وإن النصارى في الإسكندرية قد اتخذوا معظم خصائصها وملامحها البارزة واتخذوها رمزًا للتقدس والمهابة، وبالغوا في الرياضات البدنية والرهبانية والعزلة؛ فالنصرانية في الإمبراطورية الرومانية قد تأثرت وحدانيتها إلى حَدٍّ بعيدٍ بالديانة البوذية التي خرجت من موطنها الأصلي الهند في ذلك الوقت، وانتشر معتنقوها في العالم الروماني عن طريق القوافل التجارية وغيرها.

ب- إن الدارس لهذا النظام يلاحظ أن النصرانية اتفقت مع البوذية في كثير من المبادئ والتعاليم والرهبانية لأن ظهور الكنائس النصرانية، وسلطانها ونظامها في البداية شبيهة بالبوذية إلى حدٍّ كبيرٍ؛ ولعل انتشارَ الأديرة البوذية في أنحاء العالم بعد بوذا بقرون، وفي الشرق الأوسط بالذات أيام الإغريق قد أعطى المسيحية فكرة إنشاء الكنائس على منوالها.

ج- ومن الأوجه المتشابهة أيضًا بين الديانتين في الرهبنة وجود المفاسد والانحرافات في كل من الأديرة البوذية والنصرانية وهو أمر معروف لدى الباحثين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015